تفاعل الوسط الرياضي مع مبادرة وزير الشباب والرياضة عبدالحسين عبطان بمناشدة المؤسسات الرياضية المختلفة العفو عن جميع الرياضيين المعاقبين لمناسبة قرب حلول عيد الأضحى المبارك الذي يصادف الخميس المقبل سعياً لفتح صفحة جديدة وتنقية الأجواء بعدما أفسدت الخلافات الشخصية وتبادل الاتهامات والتخوين والتكاسل أهداف الرياضة ومزّقت نسيج وحدتها ودفع الوطن ثمنها باهظاً في أكثر من محفل دولي.
لا نختلف على نية عبطان طالما أنها تمنح الاستقرار النفسي لبعض الرياضيين ممن أصبحوا خارج خدمة بلدهم في اللعبة التي تعنيهم بسبب عقوبة انضباطية يستحقونها تمت المصادقة عليها من المكتب التنفيذي سواء للجنة الأولمبية أو شقيقتها البارالمبية أو الاتحادات كافة وكذلك الاندية والمؤسسات ذات العلاقة بصناعة إنجاز الرياضي وتطويره إدارياً وفنياً، لكننا ننشد جوهر المبادرة نفسها، لأنها أنصفت الرياضيين المعاقبين ولم تُشر الى حقوق مؤسساتهم التي أصدرت تلك العقوبات، وفي مقدمة ذلك "الاعتذارالمُلزم" فما ترتـَّب على تقصير الرياضي من نتائج سيئة لمنتخب البلد أو إساءة سلوك أو تناول منشط محظور أو استغلال مرافقة وفد والهروب خارج العراق أو حرمان مدرب كُفء مدى الحياة أو تجميد عضوية إداري لأنه كشف حقائق موجعة في عمل اتحاده، أو عزل عضو آخر لم يكن أميناً على المال، وغيرها من الحوادث التي تخلُّ بالسلوك العام للرياضي أو تجني عليه إذا ما كان العقاب غير مستحق ، وهذا ما لن يقبله أحــد.
الفرنسي بيبر دي كوبرتان مؤسس الألعاب الأولمبية الحديثة ومصمم رموزها (العلم والشعار) حرص على تضمين السلوك والقانون في القسم الذي يُردِّدهُ جميع الرياضيين في افتتاح الدورات الأولمبية منذ دورة اليونان عام 1896 وينص على ( نقسم أننا نقبل بالألعاب كمثابرين شرفاء، نحترم قوانينها، ونسعى للاشتراك فيها بشهامة، لشرف بلادنا ولمجد الرياضة) فمن دون الأخلاق واحترام القانون لن نجد مستقبلاً مَن يحترم الرياضة ومسؤوليها بجميع عناوينهم، وعلى هذا الأساس من الصعب قبول مبادرة الوزير عبطان منقوصة من أهم ركن فيها وهو اعتراف الرياضي بتقصيره عبر تقديم اعتذار خطي يُحفظ في ملفه طوال مشواره كي لا يُكرر خطأه ولا يستفيد من عفو آخر ربما يصدره الوزير التالي لمناسبة عيد الأضحى أو عيد ميلاده أو أية مناسبة يختارها.
كنت أتمنى أن يمنح وزير الشباب والرياضة جُلّ وقته لبناء قاعدة الرياضة المتمثلة بالاندية مثلما انهمك في الأيام الأخيرة وشغل مكتبه الإعلامي بمبادرة العفو عن الرياضيين، فأي تغافل عن صناعة قرار حاسم يعزز قوة روافد الموهوبين عبر إدارات تحرص على الرقي برياضييها وتزيد من ارتباطهم بمنتخباتهم الوطنية ولا تفرّقهم عنها أو تضعف شعورهم بتمثيل البلد في أحلك الظروف عندئذ لن نجد أيَّ رياضي يتهاون في الواجب أو ينحرف عن سلوكه متمرداً ومتكبّراً في مصلحة ناديوية ضيقة!
وعندما تمتد أذرع الوزير لرفع الظلم عن هيئة إدارية تعرضت الى قرار تعسفي بحلها من دون مسوّغ قانوني ويوجّه بإلغاء كل ما ترتب عن ذلك القرار فإنه يحافظ على القانون من (الاجتهاد المصلحي) ويطيح بالسلالم الباطلة التي يتسلقها الطارئون لتخريب الرياضة، هكذا مبادرات آنية تظهر نتائجها مستقبلاً بنجاح إدارة النادي في تنشئة جيلٍ واع ٍلحقوقه وواجباته ولا يحتاج الى عفو ٍ يُعيده إلى جادة الصواب.
ليس المهم أن نستغل فرحة العيد لنغسل أحزان مشاكلنا، بل أن تكون المناسبة فرصة لكثير من المخطئين بعمد أو دونه ليكونوا على درجة كبيرة من الجدية في مواجهة المواقف الصعبة، وليس خافياً ان تكون أزمة منتخبنا الكروي في بانكوك وراء المبادرة الشاملة لجميع الالعاب في رفع العقوبات التي عانى بعض أصحابها سنين من دون أن تنصُت الوزارة لأصوات وطنية مخلصة لإنقاذ الرياضة من ظلم المكيالين، ولهذا ننصح ألا تكون المبادرة نزوة شخصية عابرة تنسلخ من حكمة ( الاعتذار من شيم الفرسان).
عفـو عبطـان
[post-views]
نشر في: 19 سبتمبر, 2015: 09:01 م