الحسد غريزة عدوانية طبيعية عند كل البشر، بحسب علم النفس. لكنها قد تسمو عند الإنسان فتتحول الى غبطة. الفرق، وكما تعلمون، انك في الحسد تتمنى زوال نعمة غيرك وفي الغبطة تتمناها لك أيضا.
كبرت بداخلي عقدة يصعب على الشفاء منها. صارت سؤالا دائما: متى يغبط مواطنو دول الجوار عراقنا؟ ولا أبالي ان حولته الى: متى يحسدوننا؟ تصوروا انني صرت أتمنى الحسد لقلة او انعدام ما لدينا من نِعم. ما زلت اذكر صوت جبار الغزي المختنق عندما قال له أحدهم: شكو عليك؟ عند هذه بكى جبار بمرارة وصاح: ولك على شنو تحسدني؟ واليوم، فعلا، على شنو يحسدون العراقي؟
من أيام الحصار الحقير كنت كلما قصدت عمّان اقضي نهاراتي بين فقراء العراق بالساحة الهاشمية. يمر الكويتيون والسعوديون والإماراتيون والخير يرفرف على دشاديشهم. هنيالهم. تروح عيني على العراقيات المفترشات الأرض هناك من اجل "بريزة" يحلمن في وضعها فوق أخرى وأخرى لعلها تصير نصف ورقة يبعثنها للجائعين في العراق: ليش مو النفط نفس النفط؟
وراح الحصار الذي ما كنا نتوقع ان يأتينا بعده ما هو أخس منه. وإذا بالفساد الساطع آت. خرج الحصار من الشباك ودخل الفساد من الباب.
ويظل داعيكم يسأل ويسأل: ليش أطفالنا تجدي وأطفال الخليج في جنة؟ عوفوا الخليج. لم احظ لليوم بطفل سوداني يستجدي ولا بسودانية تبيع الكلينكس في شوارع العرب. أما الليبيون، فلمن لا يعرف، انه من النادر ان تحظى بليبيّ محتاج.
اليوم تؤكد الوقائع والاخبار انتشار الكوليرا في العراق وخاصة ببغداد. وباء معروف انه يصيب الدول الفقيرة. فعلا، والا لوجدناه عند جاراتنا النفطيات، التي تسمي بعضها فايخات الخضراء، "دويلات". أحد الاعذار "الملّوحية" يقول ان سبب انتشار الكوليرا مؤخرا يعود الى نقص مياه الفرات. اشو دول الخليج ولا بيها ربع نهر، ليش ما راحت الكوليرا هناك؟
بعدين حتى انا عود ليش رحت بعيد وصرت اتحدث عن الكويت والسعودية والامارات ليبيا؟ اي مو هاي الخضراء بصفنا. بالله عزرائيل ما يروح هناك قلنا امر ربك، زين الكوليرا شعجب ما دكت بابها؟ يبدو ان عتبة "الفاسد" ذهب.
عتبة "الفاسد" ذهب
[post-views]
نشر في: 21 سبتمبر, 2015: 09:01 م