1-3
أخيراً ! ها نحن نصل إلى الأمر. فبعد دعوة أحد لوردات السياسة الأوروبية، الاشتراكي الديمقراطي الأحمر، حاكم إقليم بورغونلاند في جمهورية النمسا، دعوة مواطنيه لصناديق الاقتراع لكي يقرروا مصير اللاجئين القادمين من كل انحاء العالم إلى إقليمهم، بعد إطلاق المحارب المجري بيتر أوربان واخوته في السلاح عملية بناء جدار عازل يفصل "مملكته" هنغاريا عن صربيا لمنع اللاجئين من عبور الحدود من هناك، بعد إعلان البريطاني لورد السياسة المحافظة للمملكة التي بدأت الشمس بالغروب عن اراضيها منذ عقود، الأوروبي بالقوة كاميرون، نيته بإغلاق ممر بحر المانش الذي يربط بريطانيا بفرنسا على الاقل ليلاً، يصل الأمر بسياسي "أوروبي" آخر، حاكم اقليم تيرول في جمهورية النمسا "المدنية" أن يطالب بإعلان الأحكام العرفية لصد "هجوم" المهاجرين كما صرح يوم 18 آب الماضي للصحافة.
بكلمة واحدة : حالة استنفار كاملة في أوروبا، أوروبا تتسلح حتى الأسنان، وضد من؟ ضد ناس عزل وقعوا بين مصيدة المهربين وجيوش "الحداثة" الأوروبية المدججة بالسلاح، ومن يظن أن الدعوة لإنزال الجيش، لا علاقة لها بحنين البعض من السياسيين "المدنيين" للعودة لحكم العسكر الذي أصبح ماضيا بعيدا في أوروبا، إنما لها علاقة بحماية بيوت (هذا إذا حملت شروط البيوت!) اللاجئين التي لا يمر يوم ولا تتعرض فيه للهجوم في بلدان شمال أوروبا "المتحضرة"، سيخيب ظنه.
هناك شبح يطوف في أوروبا اسمه المهاجرون. انها لفضيحة أننا نسمع في النشرات الأخبارية عن هجمات يتعرض لها المهاجرون، ولا تحركا رسميا ضدها. في المانيا الهتلرية، كانت الشاحنات تنقل آلاف الناس يومياً إلى معسكرات الإعتقال، أما أفران الغاز فكانت شغالة يومياً، ملايين من البشر حُرقوا وهم أحياء، الذنب؟ أنهم من دين آخر، لون جلد آخر، فكر آخر، كل ذلك كان يجري على مرأى الناس، ولا أحد في المانيا أو في النمسا، أراد الاعتراف بذلك. واليوم؟ وحدها ألمانيا سجلت قرابة 200 هجوم فقط في الفصلين الأولين من هذا العام. والأكثر تراجيدية في الأمر، هو أن مكتب الجنايات الاتحادي الألماني (ب ك آ)، يتوقع تصاعد حدة الهجمات كمياً ونوعياً في المستقبل، فهل هناك من يقول، أنه لم يسمع بذلك؟ ناس عزل فروا بجلودهم، لا سلاح عندهم يدافعون فيه عن أنفسهم، ولا قوات شرطة وأمن تمنع عنهم خطر الهجمات هذه. الاعتداءات اليومية هذه لا تستهدف مأوى للاجئين فارغ، بل تبحث بالذات عن بيوت اللجوء تلك المزدحمة بالبشر، شيوخ ونساء وأطفال، كلما زاد العدد، كلما كان هناك ضحايا أكثر، كلما كانت أورجيا القتل والحرق والتفجير كبيرة. مثالان كافيان: في مدينة فرايبرغ في اقليم ساكسن الواقع في شرق ألمانيا القى "مجهولون" (دائماً مجهولون، يا للغرابة!!!) في شباك الماضي متفجرات على مأوى للاجئين هناك، النتيجة: العديد من الجرحى، بعضهم جراحه بليغة. في براندينبورغ على نهر هافل أضرم "مجهولون" (أيضاً مجهولون، كأننا في مدن كبيرة يصعب العثور على المعتدين فيها!!!) النار أمام شقة، تقيم فيها عائلة مهاجرة مع ثلاثة أطفال. كلا، لا شيء من ذلك.
لكن ماذا يحدث، لكي تستنفر أوروبا، خاصة أوروبا الشمالية الغنية نفسها، سواء بإرسال جيوشها إلى البحر الأبيض المتوسط، علناً بحجة انقاذ المهاجرين من الغرق، عملياً العكس تعريض حياتهم للخطر، عندما تقوم وحدات الدفاع المزعوم تلك بقصف ما تطلق عليه قوارب المهربين للبشر، لأن من يقوم بعملية الانقاذ حقيقة هم منظمات غير حكومية (أن جي أو) وصيادو سمك طليان ويونان، يتعرض أغلبهم للمحاكمة، بتهمة مساعدة اللاجئين دخول أوروبا، أو سواء عن طريق غض النظر عن القاء القبض على مرتكبي تلك الهجمات العنصرية (ليست المعادية للغرباء، كما دأب الإعلام الرسمي القول) ضد ملاجئ اللاجئين.
يتبع
أنا أدين مهاجرون في بلدان الأحكام العرفية
[post-views]
نشر في: 22 سبتمبر, 2015: 09:01 م