اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > مسرح > جحا ولعبة الإسقاط السياسي في مسرح علي أحمد باكثير

جحا ولعبة الإسقاط السياسي في مسرح علي أحمد باكثير

نشر في: 29 سبتمبر, 2015: 12:01 ص

مع قدوم ثورة تموز عام 1952 برزت مرحلة جديدة اختلفت عن مسرح ماقبل الحربين وغيرت المسرح وفق ظروف تلك المرحلة ، وبرز آنذاك عدة مسرحيين كان لهم شأن كبير في تغيير المسرح ومنهم علي أحمد باكثير الكندي المولود في جزيرة سوروبابا بإندونسيا لأبوين يمنيين من منط

مع قدوم ثورة تموز عام 1952 برزت مرحلة جديدة اختلفت عن مسرح ماقبل الحربين وغيرت المسرح وفق ظروف تلك المرحلة ، وبرز آنذاك عدة مسرحيين كان لهم شأن كبير في تغيير المسرح ومنهم علي أحمد باكثير الكندي المولود في جزيرة سوروبابا بإندونسيا لأبوين يمنيين من منطقة حضرموت. نشأ في مدينة حضرموت نشأة عربية إسلامية ثم رحل إلى القاهرة عام 1934 ليكمل دراسته الجامعية وحصل بعدها على الجنسية المصرية واستقر في القاهرة.تنوع إنتاجه الأدبي بين الرواية والمسرحية الشعرية والنثرية التي ترجم أغلبها الى لغات أخرى غير العربية وبالخصوص المسرحيات السياسية والتاريخية. ويصل عدد مسرحيات باكثير إلى أكثر من 40 مسرحية دينية وتاريخية وسياسية ساخرة . ومن بين المسرحيات الساخرة كانت مسرحيات (حبل الغسيل) (شيلوك الجديد) (الفلاح الفصيح) (الدودة والثعبان) (مسمار جحا) (الوطن الأكبر) (قطط وفئران) و (جلفدان هانم) وهذه المسرحيات كانت في غالبيتها مهاجمة لعيوب المجتمعات بصورة ساخرة عنيفة تنوعت مابين سخرية هازلة يراد بها الجد ومابين تهكم وتنكيت ومدح يراد به الذم وما هذه التنويعات إلا دلالة على فهم أدبي سليم وقدرة واسعة على توظيف أدبه للتعبير عن هدف معين اجتماعي بالدرجة الأولى رغم خوضه لمعارك سياسية داخل مسرحياته بلهجة لاذعة وحادة ضد الفساد في المؤسسات الحكومية وضد الاستعمار والمستعمرين لذا كان أسلوبه ساخرا استهدف الساسة البارزين بصورة متوارية غير مباشرة وهذا هو أسلوب يقترب من أسلوب اريستو فانيس الذي هاجم الساسة والعلماء والفلاسفة والشعراء بغية التغيير الاجتماعي وانتشال المجتمع من تلك المظاهرة الفاسدة التي يحملها هؤلاء. وباكثير من الذين يؤكدون على أن التجربة الشخصية لها أثر كبير في نتاج الفنان ففي كتابه "فن المسرحية من خلال تجاربي الشخصية" يؤكد على أن التجربة الشخصية هي منبع أول للسخرية، فللسخط والحقد أثر كبير في تفجير طاقة السخرية وأن الفنان كلما كان قلبه يمتلئ غضباً كلما تفجر بالسخرية. ومن خلال حديثه عن السخرية والإضحاك يقول انه اقل الناس قدرة على الاضحاك لكن اشتعال السخط والغيظ في النفس البشرية لها أثر في جعل السخرية طوع البنان حيث يؤكد أن القوى الاستعمارية كان لها الأثر الأكبر في إشعال الغيظ في صدره لما لها من قدرة في التحكم في مصائر الشعوب وهذا ما جعل باكثير يكتب أول مسرحية ساخرة وهي "سأبقى في البيت الأبيض" وهي مسرحية تفيض بالسخرية من الشخصيات الاستعمارية التي ترتدي أقنعة مزيفة الغرض منها الدخول إلى الأوطان دون الخروج منها.وأيضاً كانت مسرحية "مسمار جحا" من المسرحيات السياسية المهمة (التي لاقت نجاحاً شعبياً كبيراً إذ وجد فيها الجمهور دعاية ضد الاستعمار) ، فهذه المسرحية هي مدخل إلى قضية سياسية كبيرة ومهمة وهي مسألة دخول الاستعمار إلى البلدان بأشكال ورموز يختبئ من ورائها بغية التسلل إلى الثقافة والاقتصاد والسياسة, فهذه المسرحية ذات نمط تعبيري مميز ليصوّر لنا الاستعمار بصورة شخصية تاريخية وهي شخصية جحا الساخرة ليسخر بها من الحكام والساسة.لذلك جاءت هذه المسرحية ساخرة من المحتل الدخيل الى البلاد العربية قد استخدم بها شخصية جحا الساخرة القائمة على التنكيت والتلميح حيث كان يستعين بها دائماً في السخرية بحكامه الظلمة والانتقام منهم فيرسلها صواعق على رؤوسهم دون أن يكون لهم سبيل عليه.ولعل هذا هو وجه من أوجه مسرح الإسقاط السياسي فالبرغم من أن المسرحية السياسية قد دخلت إلى المسرح العربي متأخرة إلا أن باكثير كان من أوائل الذين كتبوا في المسرحية السياسية ومن خلال مسرحياته نجد أن التاريخ والأساطير كانا مادة خاما في موضوعاته ، وهذا هو مسرح الإسقاط السياسي الذي يقتطع في الغالب الأهم لمادته من التاريخ والأساطير وأحياناً من الواقع ثم يحاول مؤلفه أن يهيئ هذه المادة لكي توازي في معطياتها الظروف القائمة. ولعل مسرح باكثير كان بحق مسرح اسقاط سياسي ، ليس فقط من خلال استخدامه شخصية جحا التاريخية ولكن من خلال رد فعله الاستنكاري على الاحداث السياسية والشخصيات المنحرفة الموجودة على كراسي الحكم والتي تغلق الابواب امام المستعمرين لتفتح لهم النوافذ حيث يقول باكثير حول هذه المسرحية . ان مسمار جحا هو الدعوى أو الذريعة أو السبب الذي يدقه المستعمر في كل بلد ينزل فيه ليبرر بقاءه وما علينا الا أن نستعرض أحوال كل بلد شرقي للمستعمر فيه أنف ينفخ وسم ينفث حتى تضع يدك على هذا المسمار وإن تسمى بأسماء مختلفة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

بالصور| تظاهرات حاشدة أمام وزارة التخطيط للمطالبة بتعديل سلم الرواتب

805 قتلى وجرحى بأعمال شغب مستمرة في بنغلاديش

مجلس النواب يعقد جلسته برئاسة المندلاوي

خبراء يحذرون: أغطية الوسائد "أقذر من المرحاض" في الصيف

القبض على 7 تجار مخدرات في بغداد وبابل  

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مسرحية رائحة حرب.. كايوسية التضاد بين الحرب ورائحته
مسرح

مسرحية رائحة حرب.. كايوسية التضاد بين الحرب ورائحته

فاتن حسين ناجي بين المسرح الوطني العراقي ومهرجان الهيئة العربية للمسرح في تونس ومسرح القاهرة التجريبي يجوب معاً مثال غازي مؤلفاً وعماد محمد مخرجاً ليقدموا صورة للحروب وماتضمره من تضادات وكايوسية تخلق أنساق الفوضوية...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram