2-3
أن يكون مرتكبو الجرائم العنصرية التي تتعرض لها أماكن لجوء اللاجئين في أوروبا وفي المانيا على سبيل المثال مجهولين، فهو أمر غير مقنع، إذا لم يكن كذباً متعمدا. في دول القانون، من غير الممكن ألا يتم القبض ولو على مجرم واحد من هؤلاء، خاصة وأن الهجمات والاعتداءات تلك تمت وتتم في وضح النهار وفي مدن صغيرة؟ انها جرائم اليمين المتطرف، النازيين الجدد، الجميع يعرف ذلك، حتى الشرطة، الصبر على تلك الجرائم هو تشجيع لها لكي تكون كل مرة أشد نوعياً، ألا يتحدث تقرير مكتب الجنايات الاتحادي نفسه عن ذلك؟ لماذا لا تُصنف الاعتداءات هذه بصفتها أعمالا إرهابية أو جرائم قتل متعمد؟ لماذا لا يرفع المدعي العام هذه القضايا للتحقيق؟
انها لمفارقة أن الدول "المتحضرة" الغنية بالذات هي الأكثر رفضاً للاجئين، "أغلب القادمين من بلدان البلقان يريدون قبل كل شيء العثور على عمل وليس الحصول على اللجوء"، تقول آيدين أوزوغوز، المكلفة بشؤون اللاجئين، النائبة في البونديستاغ عن الحزب الاشتراكي الديموقراطي الشريك في الحلف الحكومي، وتنسى أن عائلتها ذاتها ومعها ملايين الأتراك في المانيا، جاءوا طلباً للعمل! لكن ليس ذاكرة النائبة الاشتراكية الديموقراطية في البونديستاغ الألماني هي الوحيدة التي تعاني من الضعف.
ثقافة النسيان، كما يبدو هي مرض تعاني منه الجماعات الغنية، بغض النظر عن لون الجلد والدين والقومية. بلدان فقيرة مثل لبنان والأردن والسودان تؤوي ملايين اللاجئين الهاربين من جحيم الحرب والمجاعة والفاقة والعوز في بلدانهم. حسب كاريتاس أكثر من 4 ملايين سوري هربوا من جحيم الحرب، قرابة مليون ونصف المليون منهم يعيشون في لبنان (بلد لا تزيد نفوسه عن أربعة ملايين ونصف المليون)، نفس العدد أو ربما أكثر أو اقل بقليل، يعيشون في الأردن، بلد صغير وفقير هو الآخر. حتى سوريا التي تصدر اللاجئين اليوم إلى البلدان المجاورة والعالم، سبق لها وأن آوت قرابة مليوني عراقي في سنوات الحرب الأهلية والقتل على الهوية التي عصفت بالعراق بين 2006 و2008، أما تركيا فتزدحم باللاجئين السوريين (قرابة مليونين) وآلاف العراقيين الهاربين من جحيم داعش، ومثلها كردستان العراق التي تؤوي عشرات آلاف الهاربين من داعش في الموصل وسنجار، أيضاً في جنوب العراق، عشرات الآلاف من اللاجئين الهاربين من الرمادي والفلوجة وديالى، من جحيم الحرب هناك. لماذا هناك تفهم، إذا لم نرد الحديث عن تقبل لاستقبال اللاجئين، ومساعدتهم؟ تقارير الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية تقول ذلك، أعداد اللاجئين وبالشروط المتدنية التي يعيشون تحتها تقول، أن نسبة اللاجئين في علاقتهم مع سكان البلدان التي لجأوا إليها، تقترب من الثلث أحياناً، فيما لا تشكل نسبتهم في بلدان شمال أوروبا إلا رقماً خجولاً، وحتى في أوروبا، بلدان تعيش أزمات أقتصادية مثل اليونان وإيطاليا تؤوي أضعاف الآلاف من اللاجئين عنه في شمال أوروبا الغنية.
في البلدان العربية لا يختلف الأمر، البلدان الغنية مثل المملكة السعودية والإمارات تغلق حدودها تماماً بوجه اللاجئين، سكان البلدان الفقيرة من الهند وبنغلاديش وجنوب شرق آسيا، يُسمح لهم بالدخول فقط بشروط العمل مثل عبيد. أما مخيمات اللاجئين السوريين في لبنان والأردن وتركيا، فهي تملك معنى واحداً بالنسبة لهم: تجنيد شبابها العاطلين عن العمل في الحرب الدائرة في سوريا والعراق واليمن. 500 دولار راتب المرتزق في جيش البغدادي وجبهة النصرة وغيرها من جيوش الإرهاب "الإسلامية" المدعومة من دول الخليج، عدا ما يحصل عليه المرتزق من غنائم وسبي نساء، شباب عاطلون عن العمل في كل مكان، يسيل لعابهم لمرأى الدولار. أما سعر الفتاة الصغيرة في مخيمات اللجوء فلا يتعدى الألف دولار. زواج القاصرات ثلاثة أو أربعة لمسنين، قادمين من الخليج، هو روتين يومي.
يتبع
مهاجرون في بلدان الأحكام العرفية
[post-views]
نشر في: 29 سبتمبر, 2015: 09:01 م