اعتقد ان الأيام والتجارب لم تثبت صحة قول من قال "إذا ردت صاحبك دوم عاتبه كل يوم". من تجاربي الخاصة انني ما عاتبت صديقا ونجحت الا ما ندر.
لا اظن ان شعبا أكثر من البكاء في غنائه، بفعل "دكايك" الأصحاب وشحتهم مثل العراقيين. بتقديري، يندر ان تجد عراقيا وليس في قلبه او روحه طعنة من صديق. منهم من يبلعها ويعدي. ومنهم من يجرب العتاب فاذا به يقضي العمر نادما لأنه وجد صاحبه لا يستحق العتب: ولك لو تسوه العتب جا عاتبيتك.
تركت العتاب ولذت بالتجربة متسلحا بما غناه عبادي العماري:
عاشر صحيبك سنة وبعد السنة جرّبه
عندما لاحظ والدي في السبعينات كثرة اصحابي لم يفرح بل خاف. سألته وهل في الدنيا ما هو أجمل من الاصحاب؟ ذكرته بصدر بيت شعر المتنبي "شرّ البلاد بلاد لا صديق بها". ولأن من طبعه انه يكره النصح المباشر طلب مني ان اجلس ليسمعني حكاية.
روى لي الشيخ ان هناك شابا مثلي لديه أصدقاء كثر. حذّره والده من كثرة الاصحاب. رد الابن على ابيه وهل انت خال من الاصحاب؟ أجاب الاب: انا لدي ربع صديق فقط. ضحك الابن مطالبا اباه ان يراجع نفسه فلعل فيه ما جعل الناس تبتعد عن صداقته. قال الاب كلا يا ولدي فربع الصاحب هذا قد يكون أفضل من الألف الذين عندك. شلون؟ اقترح الاب على ولده ان يأتي بكيس ويحشوه تبنا ويلطخه من الخارج بما يشبه الدم. وبعدين؟ احمله على كتفك واقصد به اصحابك وقل لهم أنك تورطت بجريمة قتل وانظر ما يفعلون. جربهم الابن واحدا واحدا لكنهم جميعا طردوه. عاد لأبيه متأسفا. هنا اقترح عليه الاب ان يذهب بالكيس الى صاحبه الربع. وصله الابن فعرفه بنفسه واخبره بالبلوى التي وقع فيها. أدخل ربع الصديق ابن صاحبه المتورط وامره ان يطرح الكيس ارضا وكلف واحدا من أبنائه على حمله ليتحمل مسؤولية الجريمة ويذهب لإخفاء اثرها. صاح كثير الأصحاب: لا يا عم انها ليست جثة بل تجربة.
قلت لوالدي سمعا وطاعة يا شيخ فقد وصلت الرسالة:
# لو تصاحب خوش صاحب .. لو تظل بغير صاحب