منذ 19 ايلول 2014 والولايات المتحدة الاميركية تقود تحالفا دوليا ضد داعش يتكون من 60 دولة. وبحسب المعطيات الرسمية فان هذا التحالف شن نحو 9 آلاف غارة ضد التنظيم الارهابي في سوريا والعراق، اي بمعدل 24 غارة يوميا.
ورغم ان التحالف يؤكد نجاحه بقتل 10 آلاف ارهابي منذ بدء اعماله، الا ان السيناتور العتيد جون ماكين، رئيس لجنة التسليح في الكونغرس، كشف عن ان 70% من غارات التحالف الدولي لا تقوم بقصف اهدافها، وتعود الى قواعدها سالمة، بكامل عدتها الحربية!
فبعد عام كامل مع عمر "التحالف الدولي"، والذي انطلقت اعماله بعد شهرين من مأساة جبل سنجار والنزوح المسيحي من نينوى، يجد نفسه في موقف محرج وهو يكتفي باصدار البيانات والارقام التي لاتعني شيئا على ارض الواقع تماما. فلا تم تحرير مدينة، ولم تتراجع داعش، ولم يعاد تأهيل الجيش العراقي.
لست من يقول هذا بالطبع. فالكونغرس الاميركي، بالجمهوريين من اعضائه والديموقراطيين، عكف طيلة 6 اشهر على اعداد تقرير، بعد "استشارة العشرات من وكالات المخابرات"، وتوصل الى نتيجة مفادها ان ادارة الرئيس الاميركي لم تساهم بمنع انضمام آلاف المسلحين لداعش وتدفقهم على العراق وسوريا. ويشير التقرير الى ان اعداد المنضمين الى التنظيم تضاعف من 15 ألف العام الماضي الى 30 الف خلال العام الجاري.
في مثل هكذا حالة، يواصل التحالف الدولي ذاته تحفظاته واشتراطاته على مواجهة داعش. عراقيا، لا يقبل التحالف الدولي العمل مع الحشد الشعبي لتحرير الموصل لانها مقربة من ايران، كما يرفض مساعدة "وحدات حماية الشعب" لانها مقربة من الاتحاد الوطني الكردستاني المقرب بدوره من ايران، واخيرا اعطى الضوء الاخضر لضرب الـ PKK كثمن لانضواء انقرة تحت مظلته.
نتيجة لهذا الجدل البيزنطي فقد سيطر داعش على الرمادي العراقية وتدمر السورية في وقت واحد من أيار الماضي. ماذا فعل التحالف الدولي؟ لقد انشغل قادة التحالف بالتبرير والقاء اللوم على حليفهم العراقي. فسمعنا وزير الدفاع الاميركي يقول ان "الجيش العراقي بلا ارادة للقتال"، متناسيا ان قواتنا قاومت اكثر من 17 شهرا، ولم تفقد الرمادي الا بعد تولي التحالف الدولي مهامه في المناطق الغربية.
الاحباط واضح على وجوه العراقيين من تحالف يواصل "الاسترخاء" في مواجهة داعش الذي لم يتوقف عن قضم الارض وتجنيد المسلحين عبر 200 الف تغريدة يوميا على "تويتر"، وفقا لتقرير الكونغرس.
حتى هذه اللحظة يتساءل العراقيون عن سبب عدم قيام التحالف الدولي بقطع خطوط الامداد بين الرقة السورية والموصل والانبار العراقيتين، وعدم الضغط على تركيا لمنع تدفق المسلحين عبر حدودها.
لقد مر عام كامل على احتكار الاميركان واصدقائنا الاخرين الحرب على داعش، لكننا لم نشهد تغيراً على ارض الواقع، لا سيما مع رفض ادارة الرئيس اوباما المتواصل الانخراط المباشر في حروب المنطقة. فمازال اوباما وفيا لستراتيجيته التي أكدت على "احتواء" داعش والعمل على عدم تمدده خارج العراق وسوريا ولكن من دون ارسال قوات اميركية.
لكن دخول روسيا على خط الازمات من شأنه ان يكسر هذا الاحتكار والتردد الغامض والتعجيل بانهاء اكبر خطر يواجه العالم الحديث. فلم يعد داعش خطرا محليا مع وجود 5 آلاف مسلح اجنبي في صفوفه بامكانهم التحرك برشاقة بين دول "الشنغن" وصولا الى اميركا، بحسب تقرير الكونغرس.
لقد اسس بوتين "غرفة بغداد" للتنسيق الامني العسكري في المنطقة، وعلى اوباما دخول هذه الغرفة اذا ما اراد عدم تكرار مأساة 11 سبتمبر مرة ثانية.
أوباما وغرفة بغداد
[post-views]
نشر في: 30 سبتمبر, 2015: 09:01 م