الهوايات قد تأتيك بأخ لم تلده أمك. كأنها حبل سري لتغذية الصداقات الحميمة. من بين ما جمعني بالصديق الراحل شريف الربيعي اننا كنا نهوى جمع أقلام الباركر. مرت علينا سنوات لا نفوّت فيها يوم الأحد لنغبّش الى "كار بوت سيل". وهي ساحات في مدارس او كنائس او مكتبات عامة يبيع بها البريطانيون أشياء مستعملة كما التحف يعرضونها في صناديق سياراتهم الخلفية. من هنا جاءت التسمية.
رحل شريف وظلت هواية جمع "الباركر" الى حد اللحظة ترافقني. أي بلد أزوره او أي مزاد ادخله ابحث عن تلك الأقلام. حبي لها يبدو انه تنامى عندي بسبب والدي الذي كان يعتز بقلم الباركر كما يعتز بأي واحد منا نحن ابناءه. عندما انهيت دراستي الأولية في دار المعلمين اصطحبني الى سوق السراي ليقف بي عند باب مكتبة صغيرة واشترى لي باركر 51 بلون احمر. على مدى هذه السنوات الطويلة من العمر تجمعت لدي تشكيلة متنوعة ما زلت احتفظ بها سأعرضها مصورة على صفحتي في فيسبوك قريبا.
لا اخفيكم انني اهدي بعضها أحيانا رغم معزتها. وأتبادلها مع البعض في احايين أخرى. من بين من اهديتهم صديقي علي السوداني يوم التقيته لأول مرة بعد فراق طويل وصل حدود ربع قرن. كان القلم من نوع 21 الفضي. بالمناسبة بعض عشاق الـ 21 يعتبرونه من أفضل أنواع الباركر ما تقدم منها وما تأخر. غار صديقنا الراحل عبد الستار ناصر. ظل علي السوادني يخبرني رغم مرور سنين بأن عبد الستار ما زال يغار. كلمته بنفسي واوعدته انني في اول لقاء معه سأهديه أفضل قلم عندي. لم الحق عليه فقد مات وظل قلمه الذي سميته باسمه عندي.
ربما سأفاجئكم لو قلت انه من بين الذين تبادلت معهم أقلام الباركر كان نوري المالكي. حدث ذلك في يوم 21/5/2007 يوم زرته بدعوة منه. بالمناسبة كنت قد كتبت عن ذلك مرة او مرتين اذكر منها عمودي "شيء من الخوف" الذي نشرته في "المدى" بتأريخ 18/1/2012.
للواقعة حكاية سأرويها لاحقا واحمد الله ان شاهدي بها ما زال حيا.
الزبدة هي انني، ورغم علاقتي التاريخية الطويلة بقلم الباركر، لم أكن اعرف انه يحوّل صاحبه في يوم ما الى نوستردامس العصر، وليس مختاره فقط، ليتنبأ بما سيمضيه به بعد ربع قرن!