كل شيء في الحياة يخضع للمزاج ، وإرادة الإنسان مهما تسلّح بإمكانية قهر الظروف وتوفرت له سُبل مقارعة أقوى عوارض المستحيل أمام تحقيق النجاح، فإنه لن يكسب شيئاً إذا لم يكن مزاجه راقياً وحساساً ومستدركاً لردة الفعل بعيداً عن الضغوط والتهديد وانشطار الآراء المفترض أن تسانده في الضراء وليس السراء وحدها.
إن التدريب جزء أساس من كينونة الشخص الممتهن له يخضع للمزاج ويتأثر به ويترقب ردات الفعل طوال الموسم لاسيما إذا رافقه الحظ كالنحس ولم يدعم محاولات نجاحه مثلما يعاني اليوم المدرب الوطني الكُفء راضي شنيشل بعد تواصله مع فريق قطر للموسم الثاني على التوالي، إذ أطلق تعادله مع أم صلال (2-2) حزمة من التكهنات في الوسط الإعلامي القطري عن مصيره، وهناك من ذهب للتعليق على المصافحة الباردة لرئيس النادي مع شنيشل وعدّها شرارة "طرح الثقة" التي ستحرق العلاقة الفنية بين الطرفين بناءً على النتائج غير المتناسبة مع طموحات النادي.
ربما تكون قراءة الزملاء في قطر صائبة في قضية تداعيات ما يحصل في "القلعة الصفراء" وما يمكن توقعه في الايام القادمة، لكن التاريخ يقف مع شنيشل في هذه المحنة ويُدلي بشهادته لمن يريد الاستماع، أن نادي قطر طوال المواسم الماضية لم يكن صديقاً للمربع الذهبي ،وكانت أمنيات الجماهير تذرّها رياح اليأس بعيداً في نهاية كل موسم، ولا بأس من دَعكِ مصباح الذاكرة لدى البعض ممن يَحضُّون الإدارة على اتخاد قرار الانفصال اليوم وليس غداً يكفي ان نستلَّ لهم ثلاث وريقات من أجندة المواسم الأخيرة لنتعرّف على موقع قطر في نهاية المنافسة، فقد جاء عاشراً في الموسم الكروي 2011-2012 ، وثامناً في 2012-2013 ، وعاد عاشراً في 2013-2014، لكن بعد قدوم شنيشل في موسم 2014-2015 قاده الى المركز الرابع في واحدة من أهم نسخ دوري نجوم قطر التي دعت أسرة "الملك" للاعلان بابتهاج "نحن وشنيشل عائلة واحدة ولن يفترق عنا"!
علينا ان نؤمن أنه لكل بداية نصيب من الاجتهاد، فلا يوجد مدرب يدّخر معلومة أو حل أو مبادرة تضمن له الفوز وتجلب له المدائح الاعلامية وتزيد من ثقة الادارة به إلا ويعمل بها، فاصبروا على شنيشل ولا تخسروا خدماته لمجرد تعادل لم يكن عادلاً أصلاً مع أم صلال، ابحثوا معه عن معاناة باح بها للصحافة، عززوا صفوفه بلاعبين مواطنين من شاكلة (لاسنا ديابي وماهر يوسف) هناك متاعب في بعض المراكز لابد من انهائها من خلال تعزيز طلباته باجراءات تنفيذية عاجلة تقوّي الفريق على الصعيد التكتيكي والنفسي، ثم أن هناك تبايناً في مستوى البدلاء عن الأساسيين لأن الخبرة لم تكتسب بعد وأمامهم مشوار طويل لتنمية مستلزمات الاحتراف ولا يصلح تجريبهم في الدوري لاسيما أن ضياع أية نقطة يصعب تعويضها إلا بمزيد من المثابرة والتجهيز البدني المضاعف.
ان النقطة الأولى التي حصدها قطر عقب مواجهة أم صلال يمكن الانطلاق منها لتصحيح أوراق الفريق قبيل مواجهة كتيبة تشافي (السد) بملعبه يوم 17 تشرين الأول الحالي ويجب التعامل معها من قبل الملاك التدريبي بمزاج تفاؤلي لبدء رد الاعتبار بروحية جديدة يعلن فيها "الملك" إخماد نيران الحروب المشتعلة من ناحية الإعلام والجمهور والاستعداد بتجهيز جميع اللاعبين وفي مقدمتهم حمدي الحرباوي لمجابهة أقوى التحديات وبالإمكان إعادة سيناريو آذار 2015 يوم ثأر قطر من خسارته أمام السد وفاز بثنائية الحرباوي نفسه.
لسنا قطريي الهوى، لكننا نقف مع مواطن غيور لم يشأ في يوم ما أن يربح موقفاً وطنياً يستجيب فيه لنداء الأسود بعد نجاحه في المعركة القارية، بل انتصر لقيم العراقي وخُلق أبناء الرافدين بحفظ عهد الرجال والتزام شرف الكلمة مع شقيقه العربي.
شنيشل.. عهد الرجال
[post-views]
نشر في: 3 أكتوبر, 2015: 09:01 م