في أحد أحياء بغداد الشعبية حمل القصاب علوان لقب "حنفش " لتمتعه بقوة عضلية جعلته الوحيد بين رجال مهنته متخصصا بذبح البعران والثيران والجواميس، موهبته اثارت اعجاب من عاصره، علوان وحيد امه، اعتاد قضاء سهراته الليلية في بار يقع بمنطقة الصالحية، يتخذ له طاولة منزوية بمفرده، مفضلا الوحدة، على الرغم من معرفته بجميع رواد الحانة من الشباب الاريحية الذين يكتفون بإلقاء التحية على حنفش من بعيد، لا احد منهم يغامر بالاقتراب منه لإخراجه من صفنته الطويلة .
سر صفنات حنفش تعود الى فشل زواجه ثلاث مرات لأ سباب مجهولة، تقضي عروسه معه اسبوعا ثم تغادر بيت الزوجية متوجهة الى دار اهلها، عودة العروس ترسم علامات استفهام كبيرة لدى اهالي الحي، لا تجد جوابا مقنعا، تكرار فشل زواج القصاب علوان، تعرف اسبابه امه فقط، هي تعلم ان ابنها تعرض في صغره الى رفسة عجل تحت حزامه عندما كان يرافق اباه لمساعدته في عمل القصابة، السر ظل طي الكتمان لم يتجاوز جدران المنزل، فضحته عروس حنفش الثالثة بعد اليوم الرابع من زفافها بحديث لأمها انتقل الى الاب فاعلنه في مقهى الطرف اثناء الرد على المشككين بشرف ابنته، فضح سر حنفش دفعه الى مغادرة الحي والانتقال مع امه الى مدينة اخرى ثم انقطعت اخباره، وما عاد احد يستذكر مآثره عندما كان " يحنفش " وينجز عملية نحر اكبر ثور بدقائق من دون الاستعانة بمساعدة زملائه القصابين .
قصة القصاب علوان حنفش تعيد الى الاذهان ما ذكره مسؤولون امنيون في سنوات سابقة حين اكدوا ان الارهاب في العراق انحسر نشاطه، سيرفس رفسته الاخيرة ليحل الامن والاستقرار، تصريحات المسؤولين الامنيين، صدرت قبل دخول تنظيم داعش الى محافظة نينوى وفرض سيطرته على اجزاء واسعة من محافظة الانبار واحتفاظه بمناطق مهمة بمحافظة صلاح الدين، بعد مرور اكثر من عام على تشكيل التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة بمشاركة ستين دولة لمحاربة داعش، يبدو المشهد الامني في المنطقة بحاجة ماسة الى اتفاق اقليمي لبلورة موقف موحد لضمان استقرار امن المنطقة، عبر عقد اجتماع تشارك فيه السعودية وتركيا وايران فضلا الولايات المتحدة وروسيا، اجتماع بمثل هذا المستوى من المستحيل ان يتحقق في الوقت الحاضر، نظرا لتقاطع المواقع الى حد التلويح باستخدام السلاح بين الدول المتنازعة.
الشعب العراقي لم ولن يشهد الرفسة الاخيرة لثيران الارهاب في ظل توتر الاوضاع الحالية، ودخول الكبار في حلبة الصراع، كل واحد منهم يمتلك قوة وقدرة المرحوم القصاب علوان حنفش في نحر الثيران والبعران، الاطراف الدولية تدّعي انها بامكانها ان "تحنفش" على الارهاب وتجعله يرفس الرفسة الاخيرة، متى يتحقق ذلك ؟ لا احد يعلم ونايمة الحنفوشة .
البطل حنفش
[post-views]
نشر في: 3 أكتوبر, 2015: 09:01 م