TOP

جريدة المدى > غير مصنف > النجـف عاصمة العـراق الإسلامية..تطفـو فـوق بحــر قمامتها !

النجـف عاصمة العـراق الإسلامية..تطفـو فـوق بحــر قمامتها !

نشر في: 5 أكتوبر, 2015: 12:01 ص

زرت مدينة النجف خلال فترة التسعينيات، وقتها كانت الشوارع تحمل عطر الطيب والتراث، تجولت في أزقتها وتبضعت من دكاكينها، كانت أجمل بكثير من نجف اليوم، تفاجأت حينما استقبلتني مدينة العلم بمناظر قمامتها المنتشرة في كل أزقتها وشوارعها العامة، واستغربت من

زرت مدينة النجف خلال فترة التسعينيات، وقتها كانت الشوارع تحمل عطر الطيب والتراث، تجولت في أزقتها وتبضعت من دكاكينها، كانت أجمل بكثير من نجف اليوم، تفاجأت حينما استقبلتني مدينة العلم بمناظر قمامتها المنتشرة في كل أزقتها وشوارعها العامة، واستغربت من صمت أهلها المطبق، وكيفية تحملهم العيش وسط رائحة النفايات التي تزكم أنوف الزائرين قبل الحاضرين، لذا سأحاول اتمام زيارتي بعجالة وأعود بطفلي لدياري خوفاً من اقتناص الأوبئة لهما وسط هذا الخراب! الحديث هذا لأم أحمد القادمة من دولة الكويت لزيارة الإمام علي (ع ) ومن تبقى من أهلها في النجف لمناسبة عيد الأضحى المبارك.
لم تعلم أم احمد أن هذا الأمر بات أزمة فعلية تهدد بانتشار الأوبئة والأمراض ودخولها الى الغرف واقتحامها خصوصية المواطن النجفي قبل السائح والوافد إليها. مدينة النجف ذات الإرث التأريخي والحضاري والعاصمة الدينية لكثير من مسلمي العالم قبل ثلاثة أعوام تم اختيارها أن تكون عاصمة للثقافة الإسلامية، لكن المشروع فشل او اُلغي ومن أسباب ذلك عدم نظافة شوارعها الرئيسة والفرعية وعدم إتمام الكثير من المشاريع الخدمية.

 

بيـن القداسة والنجاسة

ينظر المواطن النجفي الى مسألة تراكم النفايات الى انها مسألة تابعة للدولة ويحمِّل الجهات السياسية المسؤولية بهذا الشأن إذ يرى الأديب والإعلامي احمد الموسوي صعوبة استقامة الحال هذا موضحا لـ(المدى): كيف يستقيم أن توصف مدينة ما بـ"الأشرف" نسبة إلى قداستها كونها تحتضن مرقد الإمام (ع) والعديد من مراقد الأولياء والصالحين إضافة إلى أكبر مقبرة في العالم الإسلامي وربما في العالم؟ 
كيف يستقيم هذا كله مع سوء إدارة ملف النظافة في المدينة إلى درجة أن استحالت فيها شوارع النجف إلى مكبات نفايات ضخمة ودائمة الوجود بمناظر مقززة وروائح تبعث على القرف والغثيان! مستدركا: ان هذه المعادلة الصعبة في التعايش بين القداسة وبين النجاسة هي بالتأكيد من انجازات حكومات النجف المتعاقبة وإدارات البلدية فيها، إضافة إلى ما تخلفه أفواج الزائرين من أطنان المخلفات والنفايات التي بقيت بلدية النجف عاجزة حيال معالجتها بالرغم من انطلاق مبادرات مدنية عديدة للمساعدة في رفع هذه النفايات عقب كل موسم زيارة.
 
مطار النجف ودولار واحــد
واضاف الموسوي : الغريب في الأمر أن تكون النجف مدينة السياحة الدينية الأبرز على مدار العام، وفي الوقت نفسه المدينة الأضعف بتقديم الخدمات البلدية. فعلى الرغم من المداخيل الكبيرة مما تدره السياحة ومطار النجف الدولي التي لا نعلم أين تذهب؟ تبقى الخدمات بهذا المستوى المتدني والمخجل في آنٍ. مضيفا: على سبيل المثال لو فكرت الحكومة في النجف في استيفاء دولار واحد من كل زائر أجنبي وتوظيف هذا المبلغ في تحسين الخدمات البلدية لاستطعنا شراء العديد من المعدات وتشغيل أيدٍ عاملة اضافية تساعد في الحفاظ على نظافة المدينة ومكانتها القدسية والسياحية، ولكن إن ضمنّا عدم سرقة هذه الأموال ووضعها بأيــدٍ أمينة.
 
البلدية و25 ملياراً سنوياً
يعتبر الكثير من مسؤولي الدولة أن الوضع الحالي قد يؤدي الى كارثة بيئية فقد حذر عضو مجلس محافظة النجف د. علي الشمري في وقت سابق من كارثة بيئية سببها ارتفاع كمية النفايات في محافظة النجف، نتيجة الإضراب الجماعي لعمال النظافة المحتجين على توقف صرف رواتبهم، مبيناً: أن "700 عامل نظافة في محافظة النجف يشتركون في الإضراب، احتجاجا على عدم دفع رواتبهم منذ شهرين"! 
وأضاف الشمري: إن محافظة النجف امتلأت بالنفايات التي تكدست في أزقة وشوارع المحافظة، مشيراً إلى أن واردات بلدية محافظة النجف تقدر بـ25 مليارا سنوياً لكننا لا نستطيع سحب تلك الواردات كونها تعود لوزارة البلديات والأشغال العامة.
10 ملايين دولار وهميـة !
يعاني عمال النظافة في أغلب المحافظات من قلة أجورهم وتذبذب أوقات صرفها وتوقفاتها المستمرة، فضلا عن عدم تمتعهم بضمان اجتماعي أو ملاك وظيفي، إذ أن أغلبهم يعملون بنظام الاجور اليومية او الاسبوعية المتدنية.. في ذات السياق يقول الناشط المدني موسى شكر لـ(المدى) يجب الرجوع الى ما قبل عام تقريبا حينما تعاقد مجلس محافظة النجف مع شركة تركية وهمية بمبلغ يقدر بـ10 ملايين دولار. مستطرداً: بعد ان كانت مهام التنظيف تؤديها البلدية بأتم وجه، وبعد فترة تم تسريح اكثر من 60% من موظفيهم وبعدها تم الكشف ان شركة البيرق الوهمية يمتلكها أخ احد مسؤولي المحافظة وهو من حجب راتب العمال لعدة أشهر مما اضطرهم لترك العمل. مطالبا: أن يُعاد إسناد توكيل مهام التنظيف الى البلدية .
 
شبهات فساد وتلكــؤ
للأزمة أبعاد سياسية مختلفة وكثير من النجفيين يدرك ذلك والمواطن هو الوحيد الذي وقع ضحية هذا الصراع المقيت! الكاتب مكي السلطاني يقول في حديثه لـ(المدى): ازمة النفايات ليست مستجدة او انها مفتعلة وانما هي قديمة، وتشكل جزءاً من عجز النظام السياسي الحاكم عن ادارة البلاد. مبيناً: ان المشكلة عراقية عامة وليست نجفية فقط، مضيفا: إن الادارة المحلية في النجف تخبطت كثيرا لحل هذه المشكلة فمن التعاقد مع الشركة التركية الى التعاقد مع متعهدين محليين وشبهات الفساد والتلكؤ فيها، والاعتماد على قدرات الاجهزه البلدية، كلها فشلت في تقديم اي شيء ملموس حيث النفايات بعشرات الاطنان وتحرق مما يسبب الكثير من الأمراض.
 
السلطات.. والـولاء لها
واضاف السلطاني: الأمر ينطبق على المدينة القديمة حيث مرقد الامام علي (ع)، اذ عجزت مجاميع الولاء تهيمن على السلطتين التنفيذية والتشريعية والأجهزة الخدمية يدعون الولاء للامام علي لكنهم تركوا مدينته مليئة بالأزبال والنفايات! مسترسلا: حال النجف اليوم بين اكوام النفايات والاتربة افضل تعرية لكل ادعاءاتهم الكاذبة وتصريحاتهم، متابعا: المشكلة في النجف ليست فقط في النفايات وانما في باقي الخدمات ومنها عدم القدرة على تقديم أية بوادر لتنفيذ بُنى تحتية ترتكز عليها حياة النجفيين وخصوصا الشباب اذ يعاني اغلبهم من البطالة . 
واختتم السلطاني حديثه: المشكلة قائمة ولن تحل بوجود هذا التجاذب السياسي وتقاسم المنافع والامتيازات وتقلب مجلس المحافظة في الولاء لهذا او ذاك وحسب المصلحة والفائدة من حيث المناصب والمكاسب، وفي تقديري العجز عقلي اكثر مما هو مالي او قدرة على التنفيذ. ويبقى الوضع قائم من دون وجود قيادات كفوءة ومتمكنة لإدارة المحافظة اضافة الى الطامة الكبرى الفساد المستشري في مؤسسات الدولة كافة !
 
المواطن مسؤول
لحل هذه الأزمة والخلاص من النفايات يقوم مجموعة من اهالي حي الأمير في النجف بحفر حفرة كبيرة ووضع سواتر ترابية حولها في العرصات المركونة وجمع نفايات البيوت ومن ثم جمع مبلغ ما يقارب مئة الف دينار من افراد الشارع وجلب سيارات حمل لنقل النفايات وتحويلها الى منطقة الكم والتخلص منها لكن في الوقت ذاته لا ترى الناشطة المدنية ملاذ الخطيب الحل في الطريقة هذه فتقول لـ(المدى): النجف من المراكز التجارية والاقتصادية المهمة اذ تستقطب الملايين من السياح سنويا ومن جميع أنحاء العالم.مبينة: هناك روائح منبعثة من اطنان النفايات تزكم الأنوف قطط وكلاب سائبة وحشرات تنتشر في كل ارجاء من المدينة. مشددة: انتشار رقعة النفايات يتسع في المناطق الشعبية اكثر من الأحياء الراقية والشوارع التي يسلكها المسؤولون اكثر نظافة، مثل طريق المطار حيث يمر به السائح والزائر له حكاية .
 
الفقراء يدفعون الثمـن
وتتابعت الخطيب حديثها: في الأحياء الشعبية تأتي صباحا شاحنات غير مكشوفة ترفع النفايات بشكل غير دقيق اذ تتساقط النفايات عند سير السيارات ومع كل طسة او حفرة وما اكثرهما في شوارع النجف. لافتا:اما في الاحياء الشعبية الفقيرة يقوم البعض بجمع النفايات بمكان واحد وحرقها الامر الذي يُنذر بمخاطر عديدة وانتشار الأمراض وبالتالي الفقراء وحدهم يدفعون الثمن.
تكدس النفايات يؤثر سلباً على الواقع الصحي وتفشي الامراض الوبائية وبالتزامن مع تفشي مرض الكوليرا. فشل الحكومة المحلية مع ملف الخدمات يدفع ضريبته المواطن هدر المال العام والفساد المالي يثير كل يوم استياء الشارع النجفي. هل هنالك اجراءات ستكون لصالح المدينة والمواطن ؟! لا أدري لِمَ تذكرت هنالك بعض الدول تعيد تدوير النفايات وتحولها الى طاقة؟ هنالك بعض الدول تستورد القمامة، هل يصعب علينا ذلك أم ماذا ؟!
 
تغريم البلدية والطمر الصحي
في وقت سابق انتقدت عضو لجنة الصحة والبيئة في مجلس محافظة النجف الاشرف د. سناء الموسوي واقع النظافة في المناطق السكنية والشوارع الرئيسة للمحافظة. وقالت الموسوي في تصريح صحفي إن النجف من المحافظات المهمة التي تشهد توافد الملايين من الزائرين اليها في المناسبات الدينية وغيرها، ولذلك يجب ان ترقى الى المستوى المطلوب من جانب النظافة والواقع البيئي . مضيفة: إن انتقادنا جاء بعدما شهدت أكثر الأحياء السكنية والشوارع الرئيسة تكدس الكثير من النفايات والأتربة من دون الاهتمام بها ورفعها من قبل الجهات المعنية وبالتالي ان ذلك سوف يتسبب بتلوث البيئة وإفراز أنواع الإمراض المختلفة. ودعت الموسوي بلدية النجف الى الاهتمام بواقع النظافة وإجراءت الطمر الصحي وإيجاد الطرق والبدائل المتنوعة في تحفيز وتثقيف عمال النظافة من اجل ان تظهر المدينة بالمظهر اللائق، مطالبة دائرة بيئـة المحافظة باتخاذ الإجراءات القانونية وفرض الغرامات المالية ضد البلدية في حال عدم اهتمامها بالمناطق السكنية والشوارع الرئيسة لرفع النفايات والأتربة .
 
مناشدات مع وقف التنفيذ
من جانبه عقد مدير بلدية النجف مؤتمرا صحفيا لتبيان موقفه من تراكم النفايات، عازيا الامر الى قلة التخصيصات المالية المرسلة من قبل الوزارة، التي لم تأخذ بعين الحسبان اهمية المحافظة والحركة السياحية المتمثلة بالزيارة الدينية. الإعلامي علي الحاج أكـد في حديثه لـ(المدى) أن النجف تشهد في الآونة الاخيرة حالات مرضية مختلفة تسببت بإصابة عدد كبير من المواطنين جراء تراكم الازبال والنفايات. موضحا: ان النجفيين اعتادوا على النفايات والأوساخ والأنقاض وأنها ملأت الشوارع والأزقة التي تحيط ببيوتهم ، مبينا: برغم كل مناشداتهم الى الجهات المعنية لإنقاذهم من هذا الواقع البيئي السيء إلا انها لم تنفع ولم تستجب ولو بتحسن نسبياً !!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

"إعادة العرض": لوحات فنية ترصد مأساة العراق

اعتقال صاحب منزل اعتدى على موظف تعداد سكاني في الديوانية

البرلمان يستأنف جلساته الاسبوع الحالي بعيداً عن التشريعات الجدلية 

مقالات ذات صلة

البرلمان يستأنف جلساته الاسبوع الحالي بعيداً عن التشريعات الجدلية 
غير مصنف

البرلمان يستأنف جلساته الاسبوع الحالي بعيداً عن التشريعات الجدلية 

بغداد/ المدى كشف نائب رئيس الأقاليم والمحافظات البرلمانية جواد اليساري، مساء اليوم السبت، عن عودة عقد جلسات مجلس النواب خلال الأسبوع الحالي، فيما أكد عدم وجود أي اتفاق على تمرير القوانين الجدلية. وكان البرلمان...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram