TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > نبوءات اقارب واجانب

نبوءات اقارب واجانب

نشر في: 5 أكتوبر, 2015: 09:01 م

لقد شهد التاريخ الحديث اول احتكاك طائفي واسع بين الشيعة والسنة، ابان الثورة الايرانية عام ١٩٧٩. وبعد نحو ٤ عقود من المواجهات المكلفة وصلنا الى اسوأ لحظة. كان في وسع الحكماء ان يصححوا مجرى التاريخ ويراجعوا الحوار والشراكة داخل منطقتنا الحيوية ماديا وروحيا. لكننا انتهينا الى ان "ندعو الله" كي ينصر قيصر روسيا الشرقي، او ان يعين ملك الافرنجة الغربي، حيث بوتين المنزعج من اسعار النفط والمتشوق لدور القوة العظمى، واوباما الباحث عن نهاية كبيرة لفترته الرئاسية.
وكيف سنعثر على نهاية لما قد بدأ تواً، ونتنبأ بالسلام بعد ان احترقنا بالحرب؟ هذا سؤال شائع. ولكن حين تسقط قواعد لعبة قديمة، لا تكاد تبقى مسطرة للتخمين والتكهن. لقد انهارت معظم قواعد اللعبة بيننا. كل دولة راحت تتصرف بلا قواعد، بل داخل كل دولة، "لا دولة". لم يعد غريبا ان تكثر المفاجآت وتغيب الدهشة، ولم يكن خيار سوى ان تدخل قواعد الخارج لتملأ فراغ القواعد المحلية.
ان مهمة العرافين والمتكهنين والعرابين تتعقد. لا حاجة الى التنبؤ بما ستفعله القوى الاقليمية المكشوفة، بل المهمة المستحيلة هي ان نتخيل شكل بلدان المنطقة بعد دخول قواعد غامضة وملغزة، قادمة من معارك الاسواق البعيدة والمصالح الكبيرة. حيث تصبح ازمة اوكرانيا حدثا محليا في مكة وحلب، وسباق الرئاسة الاميركي مؤثرا في البصرة وشيراز. النتيجة الاساسية التي تحتاج منا اعترافا في هذه اللحظات، هي اننا لم نتعلم السياسة بما يكفي، كما لم نحسن استخدام السيف. لا حواراتنا تنجح ولا حروبنا. والحل عبر التاريخ لم يظهر الا بمراجعة التناقضات الساخرة.
العقلاء في مجتمعاتنا ظلوا يفكرون بممكنات الحوار والتعايش، لكنهم ظلوا يتعرضون للسخرية والخسارة. بينما المجانين من كل الاطراف ومعهم ملايين الجمهور، يبحثون عن دعم اميركي او روسي للقضاء على السنة او الشيعة.
السياسي العاقل يتعرض للاتهام بانه حالم رومنسي وغير شجاع. اما السياسي المجنون الاهوج فهو فارس لا يخاف الموت، لكن المصادفة انه لا يموت، اذ المصير المؤلم مخصص لمساكين المحرقة.
الدعوة للحوار والسلام متهمة بأنها غير ممكنة التطبيق. لكن ما رأيكم بمن يؤمن بالعنف الذي لا يرافقه التدبير السياسي المتعقل؟ هل يمكن لهذا النهج ان يجعل الاخرين خاضعين، ويرسي الاستقرار ويمنع الانشقاق الدموي؟ اليست هذه فكرة حالمة وغير واقعية؟
طوال عقود كنا يائسين من حلول السياسة، فانهمكنا في حروب بلا نهاية، وفشلنا ايضا. ولا احد تعلم الدرس. ولا احد من القادة المسلمين يجرؤ ان يبادر الى تسويات عملية. وها نحو نتسلى بمشاهدة المصارعة المشكوكة، بين بوتين واوباما.
ويا للمفارقة، فنحن اكثر امة ترتاب ب"الاجانب" وتهددهم بالسيف. لكن امتنا في الوقت نفسه تشك ب"الاقارب" ولا تعرف كيف تتحاور معهم، لذا تعود مجبرة الى حضن الاجانب، فيما يشبه دورة اليأس المجرد عن اي لذة او مجد.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

بالحوارِ أم بـ"قواتِ النخبة".. كيف تمنعُ بغدادُ الفصائلَ من تنفيذِ المخططِ الإسرائيلي؟

تحديات بيئية في بغداد بسبب انتشار النفايات

العراق بحاجة لتحسين بيئته الاستثمارية لجلب شركات عالمية

الكشف عن تورط شبكة بتجارة الأعضاء البشرية

مركز حقوقي: نسبة العنف الأسري على الفتيات 73 % والذكور 27 %

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: برلمان كولومبيا يسخر منا

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: في محبة فيروز

 علي حسين اسمحوا لي اليوم أن أترك هموم بلاد الرافدين التي تعيش مرحلة انتصار محمود المشهداني وعودته سالما غانما الى كرسي رئاسة البرلمان لكي يبدا تطبيق نظريته في " التفليش " ، وأخصص...
علي حسين

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

 لطفية الدليمي العلمُ منطقة اشتغال مليئة بالسحر؛ لكن أيُّ سحر هذا؟ هو سحرٌ متسربلٌ بكناية إستعارية أو مجازية. نقول مثلاً عن قطعة بديعة من الكتابة البليغة (إنّها السحر الحلال). هكذا هو الأمر مع...
لطفية الدليمي

قناطر: أثرُ الطبيعة في حياة وشعر الخَصيبيِّين*

طالب عبد العزيز أنا مخلوق يحبُّ المطر بكل ما فيه، وأعشق الطبيعة حدَّ الجنون، لذا كانت الآلهةُ قد ترفقت بي يوم التاسع عشر من تشرين الثاني، لتكون مناسبة كتابة الورقة هذه هي الاجمل. أكتب...
طالب عبد العزيز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

إياد العنبر لم تتفق الطبقة الحاكمة مع الجمهور إلا بوجود خلل في نظام الحكم السياسي بالعراق الذي تشكل بعد 2003. لكن هذا الاتفاق لا يصمد كثيرا أمام التفاصيل، فالجمهور ينتقد السياسيين والأحزاب والانتخابات والبرلمان...
اياد العنبر
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram