TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > نهاية الخضراء

نهاية الخضراء

نشر في: 6 أكتوبر, 2015: 09:01 م

استغربت من استقبال بعض العراقيين لحادث ردم جدار الخضراء ببرود. هناك مَن لم يبرد، فقط، بل وسخر من الذين فرحوا بالحدث. يبدو انهم تعاملوا مع الأمر وكأنه شأن مادي: حواجز كونكريتية صماء قد رُفعت عن طريق الناس هكذا قرأوها.
ما بين الخضراء الفاسدة وبغداد لم يكن جدارا امنيا او كونكريتيا، بل كان حاجزا طبقيا مقصودا. علمّ أبو ناجي الاقطاعيين بالعراق يوم كانت سوقه رائجة ان هيبة الاقطاعي لا تكتمل الا إذا كانت له قلعة عالية وطريق خاص لا يمر به عامة الفلاحين الا بإذن مسبق من سركال او حوشي او من الشيخ نفسه. ما هو القصد؟ انه زرع الخوف في قلوب الناس؟ وما الفائدة؟ من يخف يسهل غسل دماغه.
الذين يعيشون في الخضراء كالمقيمين في طائرة بعيدون عن كل ما يُصَّب على العراق من دماء ودموع وخوف وموت ومجازر وتفجيرات وبؤس وفقر وحرّ وبرد. كتبت مرة، انه حتى عزرائيل لا يعرف إليهم طريقا. انها مدينة الضحك على البسطاء تأكل أموالهم لحما وترميها لهم عظما.
كل الاسوار والصبات ومفارز الأمن التي فيها وحولها تحمل بعدا رمزيا وليس ماديا حسب. لا ابالغ لو قلت انها كانت حاضنة لتفقيس الاغبياء واللصوص وذوي العاهات العقلية والنفسية المتخصصين بقهر العراقيين.
هدم اسوار الخضراء الغريبة عنّا في كل شيء لا يقل أهمية عن هدم جدار برلين عند قوم يفقهون. في الخضراء يكرهون هذا الشعب ولو كانوا يحبونه لما سرقوه وظلموه وجاءوه بسعلوة داعش! حتى يلتهي بمصيبتها ليظلوا هم وحدهم لا شريك لهم في خضرائهم ينعمون.
انصح من استهان بفتح الخضراء امام الناس ان لا يستعجل. فيها نوع من المخلوقات سينجلط لو سمع اغنية لسعدي الحلي تنطلق من احدى سيارات الشعب المارة من هناك. ستجدون اولادهم المايعين من فرط حلاوة ماء المسابح ونعومة المكيفات الخاصة سيضغطون على آبائهم كي يرحلوا لان أصوات "هورنات" الشعب ستعكـِّر صفاء أمزجتهم الحريرية. فماذا سيفعلون اذن لو ان أصوات المتظاهرين وصلت الى آذان زوجاتهم المسعدات اللواتي لم يفقدن قتيلا ولم يذرفن دمعة ولم يلبسن ثوبا اسود من الحزن على مدى ولايتيـن عليهم؟!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. ابو سجاد

    من قال لك ياسيدي ان عوائلهم في المنطقة الخضراء جميعهم في خار ج البلاد وهم يعيشون عيشة الامراء هل تعتقد انهم في تلك المنطقة ويتنفسون هوائنا الملوث لاياسيدي ان رئاتهم وردية لاتستطيع استنشاق هواء مليْ بعوادم السيارات والمولدات وملايين من اطنان النفايات التي

  2. ابو سجاد

    من قال لك ياسيدي ان عوائلهم في المنطقة الخضراء جميعهم في خار ج البلاد وهم يعيشون عيشة الامراء هل تعتقد انهم في تلك المنطقة ويتنفسون هوائنا الملوث لاياسيدي ان رئاتهم وردية لاتستطيع استنشاق هواء مليْ بعوادم السيارات والمولدات وملايين من اطنان النفايات التي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

 علي حسين اعترف بأنني كنت مترداً بتقديم الكاتب والروائي زهير الجزائري في الندوة التي خصصها له معرض العراق الدولي للكتاب ، وجدت صعوبة في تقديم كاتب تشعبت اهتماماته وهمومه ، تَّنقل من الصحافة...
علي حسين

قناديل: في انتظار كلمة أو إثنتيّن.. لا أكثر

 لطفية الدليمي ليلة الجمعة وليلة السبت على الأحد من الأسبوع الماضي عانيتُ واحدة من أسوأ ليالي حياتي. عانيت من سعالٍ جافٍ يأبى ان يتوقف لاصابتي بفايروس متحور . كنتُ مكتئبة وأشعرُ أنّ روحي...
لطفية الدليمي

قناطر: بعين العقل لا بأصبع الزناد

طالب عبد العزيز منذ عقدين ونصف والعراق لا يمتلك مقومات الدولة بمعناها الحقيقي، هو رموز دينية؛ بعضها مسلح، وتشكيلات حزبية بلا ايدولوجيات، ومقاولات سياسية، وحُزم قبلية، وجماعات عسكرية تنتصر للظالم، وشركات استحواذ تتسلط ......
طالب عبد العزيز

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

سعد سلوم في المقال السابق، رسمت صورة «مثلث المشرق» مسلطا الضوء على هشاشة الدولة السورية وضرورة إدارة التنوع، ويبدو أن ملف الأقليات في سوريا يظل الأكثر حساسية وتعقيدا. فبينما يمثل لبنان نموذجا مؤسسيا للطائفية...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram