TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > سيناريو السذاجة

سيناريو السذاجة

نشر في: 7 أكتوبر, 2015: 09:01 م

فضائيات عراقية تبث يومياً عشرات الاعلانات لصالح جهات رسمية ، بهدف محاربة الفساد والتعاون مع الاجهزة الامنية ، والالتزام بشروط الوقاية الصحية لتجنب الاصابة بمرض الكوليرا وغيرها من القضايا ذات المساس المباشر بالمجتمع ، تلك الاعلانات وهي عادة مشاهد تمثيلية خالية من اية قيمة فنية ، تمكنها من استقطاب اهتمام الجمهور ، ساذجة الى حد عزوف حتى الزعاطيط عن مشاهدتها ، حوار ركيك، ينتهي بتوجيه تحذير من تعاطى الرشى او السباحة في الانهر ، النماذج كثيرة ، بلا لون وطعم ورائحة ، لكنها تكلف الجهات المعلنة مبالغ طائلة تدفع من اموال الدولة ، لا تخلو من شبهات فساد ، يقف وراءها من يصر على ترويج السذاجة بأبشع صورها .
توجد في العراق جهات متخصصة بانتاج الاعلان لاتقل كفاءة عن نظيراتها في المنطقة ، تمتلك كوادر فنية تتمتع بخبرة واسعة بامكانها ان تنتج اعلانا في اقل تقدير يقنع المشاهد ويحقق اهداف الجهة المعلنة ، طبقا للعاملين في هذا المجال فانهم يعانون تجاهل الجهات الرسمية ، فهم لا يخضعون الى شروط الوسطاء فاقتصر نشاطهم في مواسم الدعاية الانتخابية .
منتصف عقد تسعينات القرن الماضي شهدت الساحة الفنية انتاج مئات المسلسلات البدوية تم تسويقها الى عمان بطلب من اردنيين ، كانوا يرسلون تلك الاعمال الى جهات اجنبية تعمل عليها الدوبلاج لتظهر العرب متخلفين على الرغم من امتلاكهم النفط ، الحضارة لم تطرق ابوابهم ، يفضلون الاقامة في الصحراء مستخدمين السيوف والخناجر في قتالهم بسبب ضياع بعير او هروب ابنة شيخ القبيلة مع عشيقها الى ديار اخرى ، جريدة الخليج الامارتية نشرت وقتذاك تقريرا موسعا يسلط الضوء على استخدام جهات اجنبية المسلسلات البدوية العربية والعراقية بشكل يتضمن "الاساءة الى العرب" ، على الرغم من ذلك لم ينحسر انتاج هذا النوع من المسلسلات ، لأنها تلبي رغبة جمهور واسع من المشاهدين الباحثين عن ماضيهم الجميل في الصحراء .
السذاجة في الاعلان شكلا ومضمونا ، تسفر عن نتائج عكسية ، تؤكد تجذر التخلف في عقول المسؤولين في الجهات المعلنة ، فهل يعقل ان يصدق الوزير او رئيس الهيئة ان اعلانه يحقق اهدافه ام انه استعان بآراء مستشاريه" الوسطاء" فاقتنع بأقوالهم بان الاعلان سيكون قنبلة الموسم ، بمحاربة الفساد والقضاء على الامراض المستوطنة في العراق ؟!
إعلانات الجهات الرسمية اصبحت مصدرا للتندر ، تحتاج الى "حزمة اصلاحات" لعلها في اقل تقدير تلفت انتباه المشاهد ليستجيب لمضامينها ، اما الاصرار على السذاجة فهو شكل آخر من الارهاب الفكري بما يحمل من مخاطر تخرب الذائقة بقصدية ، تجبر العراقيين على العيش في خراب شامل ، فاين المفر من القبح المستشري في كل مفاصل الحياة ؟ اين اجراءات الحكومة في الحد من هدر المال العام على انتاج سيناريوهات السذاجة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

باليت المدى: جوهرة بلفدير

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram