TOP

جريدة المدى > تحقيقات > ريبورتاج: فـي صالونات الحلاقة... الباسورد يتغلـب على المجلات والصحف

ريبورتاج: فـي صالونات الحلاقة... الباسورد يتغلـب على المجلات والصحف

نشر في: 17 أكتوبر, 2015: 12:01 ص

برغم صغر مساحته التي كانت تتسع لكرسي حلاقة واحـد و (قنفة) واحدة مصطبة جلوس، إلا ان الحرص على وجود مكان للصحف اليومية والمجلات والاسبوعية كان لابد منه في صالونات الحلاقة، اذ كانت المحال او الصالونات تزخر بشتى انواع المجلات مثل مجلة الف باء وفنون ووعي

برغم صغر مساحته التي كانت تتسع لكرسي حلاقة واحـد و (قنفة) واحدة مصطبة جلوس، إلا ان الحرص على وجود مكان للصحف اليومية والمجلات والاسبوعية كان لابد منه في صالونات الحلاقة، اذ كانت المحال او الصالونات تزخر بشتى انواع المجلات مثل مجلة الف باء وفنون ووعي العمال وصوت الفلاح، اضافة الى المجلات العربية وبشكل خاص الكويتية واللبانية او المجلات الأخرى مثل كل العرب والتضامن والوطن العربي. 

بعض المجلات كانت تستعار من قبل بعض الزبائن ترجع أحيانا وأخرى لا ترجع، خاصة اذا كانت فنية او فيها بعض الصفحات في ما يخص الموظة والاكسوارات النسائية او صفحة تعارف ... لكن بعد الغزو الفضائي والثورة المعلوماتية اختفت الصحف والمجلات من صالونات الحلاقة وحلّ بدلا عنها رقم الباسورد!
كلمات متقاطعة ونركيلة
عدي نوري صاحب محل حلاقة في منطقة العرصات يتحدث عن ذلك قائلا: كبقية مجالات الحياة دخل الانترانيت الى صالون الحلاقة وبات البديل عن الصحف والمجلات ، مبينا: انه السبب في تحول صالونات الحلاقة الى هدوء بعد ان كانت ضاجة بالحوارات والجدل، فكل زبون يمسك هاتفه النقال ويخلو مع نفسه.
أبو هيثم زبون ينتظر دوره بالحلاقة فقد ذكر في الصغر حين يصطحبني والدي الى صالون الحلاقة كنت أرى الزبائن منشغلين بقراءة هذه الصحيفة او تلك المجلة، وربما ينشغل احدهم بحل الكلمات المتقاطعة او المتاهة، مستطردا: او يتم النقاش حول خبر معين خاصة الرياضي او الأخبار الغريبة! اما الان فكما ترى احمد ولده الذي ظل يلعب بهاتف والده حتى حان موعد جلوسه للحلاقة.
ابو الكوافير علي مثلما يحب ان يطلق على نفسه يقول: بات من الضروري توفير مستلزمات الراحة وكل السوائل الاخرى للزبون، في ظل كثرة صالونات الحلاقة اولا وصعوبة الحركة عند البعض، مبينا: لم يعد يكفي ان يكون الحلاق (الكوافير) ماهراً او صديقا للزبون فالامر بات يعتمد على ما يقدم من خدمات في الصالون، موضحا: ان البعض منهم ادخل النركيلة ضمن تلك الوسائل التي تضم الشاشة العملاقة، الانترانيت، المشروبات الغازية والساخنة وربما نشهد في فترات اخرى تطورات اكثــر.
القبلـة والباسورد
في سنوات التغيير الأولى التي شهدت صدور العديد من المجلات والصحف كانت اغلب صالونات الحلاقة تحرص على اقتنائها، خاصة تلك التي تتحدث عن فترة حكم النظام السابق لكن تناقصها واختفاء البعض منها مع دخول التلفاز والستلايت الى الصالونات ترك اثرا كبيرا على ذلك. عن هذا يقول عمار نعمة: بالطبع يتغير اهتمام الناس من فترة الى اخرى، وصالونات الحلاقة ليست بعيدة عن هذا الامر، موضحا: بالنهاية الأمر لا يبتعد كثيرا عن الحال الجمعي، والغزو الفضائي الى البيوت العراقية التي بات الضيف يبحث عن الباسورد بعد ان كان يسأل عن جهة القبلة. مشيرا: ان التواصل الاجتماعي بات عبر الاثير والفضاء اكثر من التواصل الواقعي المباشر، وهذا ما تلمسته هنا في صالون الحلاقة حين تصادف صديقان في الفيسبوك اذ تبين أن حلاقهما واحد.
اختفاء المجلات 
اما الحلاق اسماعيل حنتوش فقد تحدث عن شأن آخر اذ أوضح ان البعض من زبائنه استعان بمواقع التواصل الاجتماعي والبحث عن قصات حديثة، او قص شعره على طريقة احد الأصدقاء في الموقع الاجتماعي. وعن غياب الصحف والمجلات قال حنتوش: في الاساس لا توجد مجلات عراقية اسبوعية او شهرية حتى يمكن شراؤها من المكتبات. منوها الى ان اغلب صالونات الحلاقة اخذت زمام الامور وتوفير وسائل اخرى للانتظار مثل الانترانيت والتلفاز خاصة القنوات الرياضية المشفرة التي تجذب الكثير من خلال المباريات او التغطيات والتقارير.
الهاتف الأرضي والصحف
في احد ازقة شارع الكفاح لا زال صالون أبي كرم يفتح في جميع ايام الاسبوع الا يوم الاثنين وربما يكون الصالون الوحيد الذي يحتفظ ببعض الادوات القديمة الخاصة بالحلاقة ولم يخل المحل من بعض المجلات القديمة والصحف اليومية. عن ذلك يقول ابو كرم: اذهب بين آونة وأخرى الى شارع المتنبي اشترى بعض المجلات باعداد قديمة ابحث فيها عن الزمن الجميل والحياة السهلة البسيطة دون اي تعقيد او تكلف مثلما احرص على اقتناء بعض الصحف اليومية مثل طريق الشعب والمــدى، وعن وسائل الاتصال الحديثة ودخولها صالونات الحلاقة قال: الحياة بتطورتها ومتغيراتها الكثيرة لن تتوقف عند حــد، اثناء ذلك فتح احد ابوب (الكومدي) مثلما اسماه واخرج هاتفا قديما مبينا انه اول خط هاتف دخل صالونات الحلاقة، كما اخرج من جيب بنطاله موبايله الخاص الذي كان من النوع المسمى (طابوقة).

 

 

فاصـلـة:

الحلاق كادح يجهد طوال اليوم من اجل قوت عائلته لكنه لا ينسى توفير وسائل الراحة المتعددة للزبائن، عسى ان تقتدي بها الحكومة ومؤسسات وزاراتها ودوائرها في تقديم الخدمات لعموم المواطنين. 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

القصة الكاملة لـ"العفو العام" من تعريف الإرهابي إلى "تبييض السجون"

الأزمة المالية في كردستان تؤدي إلى تراجع النشاطات الثقافية والفنية

شركات نفط تباشر بالمرحلة الثانية من مشروع تطوير حقل غرب القرنة

سيرك جواد الأسدي تطرح قضايا ساخنة في مسقط

العمود الثامن: بين الخالد والشهرستاني

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حملة حصر السلاح في العراق: هل تكفي المبادرات الحكومية لفرض سيادة الدولة؟
تحقيقات

حملة حصر السلاح في العراق: هل تكفي المبادرات الحكومية لفرض سيادة الدولة؟

 المدى/تبارك المجيد كانت الساعة تقترب من السابعة مساءً، والظلام قد بدأ يغطي المكان، تجمعنا نحن المتظاهرين عند الجامع المقابل لمدينة الجملة العصبية، وكانت الأجواء مشحونة بالتوتر، فجأة، بدأت أصوات الرصاص تعلو في الأفق،...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram