TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > التصچيــــــــــــــــــم

التصچيــــــــــــــــــم

نشر في: 18 أكتوبر, 2015: 09:01 م

اخذ "التصچيم" من حياتنا الشبابية زمنا صارت لكل منا فيه حكاية او حكايات. عند البعض كان كما الواجب اليومي. ما ان يحل وقت "حلّة" البنات من المدارس حتى تجد الشباب تهندموا وتعطروا بحثا عن المقسوم. في اغلبه كان بريئا ومجرد تنفيس عن حاجات مرحلة المراهقة.
يخطئ بعضنا حين يتصور ان "التصچيم" عند العراقيين حكر على الشباب ومرتبط بالتحرش بالبنات فقط. هناك "تصجيم" يستعمله كثيرون كما "الحسچة" يهدفون منه إيصال رسائل قد تكون عدوانية او سلمية. فالخوشي او البلطجي، كما صار يسمى اليوم، ان أراد بك شرا يلجأ أولا الى تصچيمك بعبارة تستفزك. فإن بلعتها قد يتركك وشأنك. اما اذا رددتها عليه او مجرد قلت له شتقصد عندها تبدأ المعركة. البعض يستخدمها بالعكس تماما. فان زعل عليه صديق مثلا تجده يغتنم فرصة سانحة ليسمع الزعلان تصچيمة لعلها تجعله يبتسم لتنتهي المقاطعة. نحن الكتّاب أيضا "نصچم". فلو جرب احدكم تحليل محتوى الأعمدة في هذه الجريدة، كمثال، سيجد فيها قوائم وليس مفردات مما لذ وطاب من التصچيمات خاصة السياسية. ربما نختلف في الأسلوب لكن التصچيم واحد.
مرة باشرت بجمع أساليب "التصچيم" عند العراقيين في نيّة اعداد بحث عنها. لكن بعدي عن الوطن أعاق سرعة انجاز البحث. وحين كنت منشغلا في اعداد خلفية تاريخية عن البحث مرة بي حكاية اذكرها لكم باختصار لما فيها من طراوة:
ذات عام حجّ الشاعر أبو الأسود الدؤلي بصحبة زوجته. وبينما كانت تطوف بالبيت تحرّش بها الشاعر عمر بن ابي ربيعة وصار يصچمها على طريقة: "وش هالكمر الطالع وش هالطول الفارع". شكته الى أبي الأسود فعاتبه فانكر عمر. في اليوم التالي كررها صاحبنا أبو النسوان فخاطبه الدؤلي شعرا:
وإني ليثنيني عن الجهل والخنا
وعن شتم أقوامٍ خـلائقُ أربــع
حيــــاءٌ وإســلام وبقيا وأنــنـي
كريم ومثلي قـــد يضر وينـــفع
فشتان مــــا بيني وبيـــنك إنني
على كل حـالٍ أستــــقيم وتظلَع
ارتجف عمر وقال: لست أعود يا عمّ لكلامها بعد هذا اليوم. مع ذلك عاد أبو نفس الدنيّة وصچمها في اليوم التالي. شكته مرة أخرى لزوجها الذي جاء الى عمر ليقول له:
أنت الفتى وابن الفتى وأخو الفتى
وسيـــــدنا لولا خــــلائق أربـــــــع
نكولٌ عن الجُلَّى وقربٌ مــن الخنا
وبخل عن الجــــدوى وأنَّــــــكَ تُبَّعُ،
(تُبَّعُ: تعني انك تدّور نسوان).
ثم خرجت وخرج معها أبو الأسود حاملا سيفه، فلما رآهما عمر شرد مذعورا، فتمثل أبو الأسود:
تعدو الذئاب على من لا كلاب له وتتقي صولة المستأسد الحــامي
ملاحظة: رجاء لحّد ياخذ على نفسه.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

 علي حسين اعترف بأنني كنت مترداً بتقديم الكاتب والروائي زهير الجزائري في الندوة التي خصصها له معرض العراق الدولي للكتاب ، وجدت صعوبة في تقديم كاتب تشعبت اهتماماته وهمومه ، تَّنقل من الصحافة...
علي حسين

قناديل: في انتظار كلمة أو إثنتيّن.. لا أكثر

 لطفية الدليمي ليلة الجمعة وليلة السبت على الأحد من الأسبوع الماضي عانيتُ واحدة من أسوأ ليالي حياتي. عانيت من سعالٍ جافٍ يأبى ان يتوقف لاصابتي بفايروس متحور . كنتُ مكتئبة وأشعرُ أنّ روحي...
لطفية الدليمي

قناطر: بعين العقل لا بأصبع الزناد

طالب عبد العزيز منذ عقدين ونصف والعراق لا يمتلك مقومات الدولة بمعناها الحقيقي، هو رموز دينية؛ بعضها مسلح، وتشكيلات حزبية بلا ايدولوجيات، ومقاولات سياسية، وحُزم قبلية، وجماعات عسكرية تنتصر للظالم، وشركات استحواذ تتسلط ......
طالب عبد العزيز

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

سعد سلوم في المقال السابق، رسمت صورة «مثلث المشرق» مسلطا الضوء على هشاشة الدولة السورية وضرورة إدارة التنوع، ويبدو أن ملف الأقليات في سوريا يظل الأكثر حساسية وتعقيدا. فبينما يمثل لبنان نموذجا مؤسسيا للطائفية...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram