اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > مسرح > الدعوة إلى أرض مفتوحة للإنسانية في عرض I Pass

الدعوة إلى أرض مفتوحة للإنسانية في عرض I Pass

نشر في: 20 أكتوبر, 2015: 12:01 ص

 افرزت ثقافة الحداثة وما بعد الحداثة نزوعا نحو مزاوجة الفنون مع بعضها،  وهو أمر رغم اعتباره تكاسلا عن اتمام العمل  الواحد برأي بودلير لكنه  ألهمَ الكثير من المبدعين للاستفاده منه  للوصول الى اقصى درجات التعبير. ربما لانه لم ي

 افرزت ثقافة الحداثة وما بعد الحداثة نزوعا نحو مزاوجة الفنون مع بعضها،  وهو أمر رغم اعتباره تكاسلا عن اتمام العمل  الواحد برأي بودلير لكنه  ألهمَ الكثير من المبدعين للاستفاده منه  للوصول الى اقصى درجات التعبير. ربما لانه لم يعد بمقدور فن ما بعينه كالتشكيل او التصوير على سبيل المثال ان يقدم كل ما يطمح اليه من رؤى وافكار. لذا كانت الحاجه الى التنويع من اجل احداث الاثر الفني المرتجى.

 
والفيديو ارت واحد من الفنون الحديثة والتي شاكست مجالات فنية سمعية وبصرية اخرى لذات الهدف . وبهذا الاتجاه قدم عرض I Pass في برج بابل ( انا شاهدت عرض يوم السبت 3/ 10 ) ليقول كلمته في تجربة جديدة واءم فيها بين الشعر والصورة . ولما كان الهاجس والدافع الاساس ليس التجريب بحد ذاته وانما المعنى المراد بلوغه ، فقد كان محاولة للامساك بلحظة التآلف والانسجام والتعايش الانساني والتمسك ببذرة التعايش السلمي ، التي هي دائما ماتكون ، واقول دائما بسبب اندفاعي المثالي والعاطفي ، متجذرة في الانسان رغم الازمات ، وخاصة الازمات الدموية ، والعنف اللذين تشهدهما شعوب المنطقة اليوم حيث ضربها وباء الاضطهاد والظلم وتفشى فيها فايروس العنصرية والطائفية والتنكيل بالاخر والتعدي على حريته ز تشرئب رغم ذلك تلك البذرة / الفكرة / الحلم والمبتغى مندفعة من صخور ويباس تغذيها الرغبة في وجود عالم جديد ، عالم من صنع القلة الحالمة بنهضة إنسانية وعالم مثالي ، رغبة تدفع بالمبدعين الى ان يغوصوا عميقا باحثين بجد من اجل استغلال كل طاقات التعبير في امكانية قيام دولة الإنسان والإنسانية مقابل ما هو سائد من مظاهر القسوة والعنف وستراتيجيات السياسة القمعية والأنظمة الديكتاتورية , رغبة المبدع الحالم والواعي والمنتفض من اجل بناء كريستال عالمه الجديد وفق شروطه التي تنبذ الاختلاف بكل اشكاله العرقية والثقافية والاثنية ليقول "انا اشبهك اخي الانسان اينما كنت فدعني اكن معك نتشارك الارض والهواء والسماء والماء والضوء . نتشارك الاختلاف ونأتلف في اجتياز pass عقبات طائفية مقيتة ." 
I Pass عرض في دقائقه القليله يحاول اجتياز، بدلالة معنى مفردة pass ،التي تنسجم مع معنى كلمة الفيديو باصولها اللاتينيه والتي تعني انا ارى ، لحظة معقدة من صراع الاختلاف المفروض علينا مع الاخر الذي لا يبعد عنا الا مسافة شكل ومظهر على تنوع دلالات ذلك المظهر والشكل المذهبية والعقائدية ، لكنه لا يختلف في ما تمثله ملامح الوجه الواحد في اختلافات وتنوعات الشكل . هذا العرض مشروع فني ، واحب ان اسميه فوتو _شعر، تدفعه الرغبه في خلق عالم جديد يتشارك فيه الجميع كل شيء دون تمييز او فرق و يتجاوز حدود المكان ومحدداته الجغرافية والسياسية ، تلك التي ( قوضت جهود التقارب عبر سلسلة من القوانين الصارمه والقاسية ) ويدعو الى خارطة طريق جديدة تتبنى المشتركات وتساوي الفرص حين يطرح العرض سؤاله الوجودي : من انت ؟ داخل صورتك في جواز سفرك ؟ العرض عبارة عن عرض لصور شخصية لشخص واحد جسدها الفنان ( دريد عباس ) بخلفية بيضاء كتلك التي نلتقطها لاصدار جواز السفر او اية وثيقة رسمية اخرى في غرفه مظلمة . اما كراسي الحضور/ الغرباء فقد صفت على جانبي طاولة طويله موضوعة في وسط الغرفة ومغطاة بالاسود تقابلها الشاشه التي تقدم فيها الصور يصاحب تغيرها صوت الشاعر فارس حرام بقصيدته التي يدعو فيها الى مشاركة الارض / الحياة من خلال تساؤل ماذا لو كنت انا انت ؟ ورغم هذا التساؤل الذي يشي بالاختلاف الا ان الجواب يأتي سريعا بما يحمله ذلك التشابه في ملامح الوجه الواحد بتنوع تفاصيل المظهر محاولا اجتياز عالم التكرار القسري حسب كلمة العرض .وبتكرار عرض الصور وتكرار النص تلك الرحلة السيزيفيه الابديه في واحدة من دلالاتها صدم الاخر والحفر في وعيه وذاكرته لاحداث اثر التغيير وايضا لمنح السؤال صفته الازليه في لاجدوى الاستمرار في الاختلاف .
انا اعتقد ان العرض قد نجح ، الى حد ما ، في توصيل كلمته من خلال كلمات النص المعبر والتناغم بين ايقاع الالقاء وتكرار الصور واختلافها ، في بحثه ، كما هو بحثنا جميعا وسعينا جميعا ، عن الذات الحرة وسعيه الى التخلص مما يثقل سبيل التعايش والاتلاف من موروث يحرض على التفرقه وهوية تتلبسها نزعة سياسية وبعيدا عن البيئة والزمان والمكان والمظهر والشكل وكل ذلك نحو لحظة وجود تنساب بصمت لتتحد مع الكون .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

بالصور| تظاهرات حاشدة أمام وزارة التخطيط للمطالبة بتعديل سلم الرواتب

805 قتلى وجرحى بأعمال شغب مستمرة في بنغلاديش

مجلس النواب يعقد جلسته برئاسة المندلاوي

خبراء يحذرون: أغطية الوسائد "أقذر من المرحاض" في الصيف

القبض على 7 تجار مخدرات في بغداد وبابل  

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مسرحية رائحة حرب.. كايوسية التضاد بين الحرب ورائحته
مسرح

مسرحية رائحة حرب.. كايوسية التضاد بين الحرب ورائحته

فاتن حسين ناجي بين المسرح الوطني العراقي ومهرجان الهيئة العربية للمسرح في تونس ومسرح القاهرة التجريبي يجوب معاً مثال غازي مؤلفاً وعماد محمد مخرجاً ليقدموا صورة للحروب وماتضمره من تضادات وكايوسية تخلق أنساق الفوضوية...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram