نهاية عقد التسعينات من القرن الماضي، طلبت مجلة اسبوعية عربية تصدر في لندن من مدير مكتبها في بغداد، اعداد تقرير بإجراء لقاءات مع جيران رئيس الجمهورية لنشره في ملف يتناول انطباعات جيران الرؤساء العرب، كيف يتعاملون معهم وما طبيعة العلاقة بينهم، المهمة في العراق صعبة، تحتاج الى موافقات جهات امنية، لكنها انجزت بطريقة لبت رغبة المجلة، لاسيما ان جيران الرؤساء العراقيين، يرفضون الحديث خشية التعرض لعواقب وملاحقة امنية، المشاركة العراقية في الملف اقتصرت على اجراء لقاء مع سيدة كبيرة في السن تسكن في حي المعتصم بمنطقة المأمون بجانب الكرخ، بيتها يجاور منزل اتخذه رئيس النظام السابق صدام حسين قبل انتقاله الى حي التشريع المعروف باسم المنطقة الخضراء الحالية، حديث السيدة كان عموميا، يخلو من اية معلومات تفصيلية عن طبيعة العلاقة بين الجارين، باستثناء تبادل التحيات الصباحية.
وصل عدد المجلة الى بغداد عن طريق سائقي سيارات نقل المسافرين بين العراق والاردن، متضمنا ملفا موسعا مصحوبا بصور اشخاص المتحدثين جيران الرؤساء العرب، مكاتب المجلة في العواصم العربية، صورت شقق ومنازل الرؤساء قبل وبعد توليهم المنصب، من صنعاء تحدث فلاح تقع ارضه بجوار مقر الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، قال انه تلقى عرضا لشراء ارضه مقابل مبلغ ضخم، لكنه رفض ذلك، واصر على البقاء، علاقته بالرئيس اليمني تعززت مع مرور الزمن، وكان الحديث بينهما يدور عادة حول قضايا عامة تتعلق بزراعة الارض ورعاية الابقار، اما احاديث الآخرين عن جيرانهم الرؤساء العرب فتطرقت الى ذكر اسماء بنات وابناء الرؤساء وزوجاتهم، وتنفيذ رغبات الجيران في بعض القضايا حين تقع ضمن صلاحية الرئيس.
هدف المجلة من نشر الملف هو لغرض المقارنة بين جيران الرؤساء العرب مع نظرائهم في دول اوروبية، خارج المنطقة العربية، كبار المسؤولين يستقلون حافلات النقل العام للوصول الى مكاتبهم، منهم من يستخدم دراجته الهوائية في التنقل من دون الاستعانة بأفواج الحماية،نتيجة المقارنة سيتوصل اليها القارئ العربي، فتترسخ في ذهنه قناعة اكيدة بان الفرق شاسع جدا يحتاج الى سنوات طويلة لتقريب المسافة.
أعلنت الحكومة الحالية انها ستعمل على فتح الطرق والشوارع المغلقة في احياء متفرقة من العاصمة بغداد، تضم مقار احزاب ومكاتب زعماء سياسيين وكبار المسؤولين، بعد مرور اكثر من شهر لم يلمس البغداديون تطبيقا على الارض، مازالت احياؤهم تخضع لاحتلال الاحزاب المتنفذة، وليس ثمة امل في امكانية رفع الحواجز، جيران المسؤولين في الكرادة والجادرية وشارع فلسطين، يواجهون يوميا مضايقات يومية اثناء الخروج والعودة الى منازلهم، لا احد منهم يتصور في يوم ما ان صاحب المعالي استخدم الستوتة ليصل الى مكتبه الواقع في المنطقة الخضراء.
جاري.. رئيس الجمهورية
[post-views]
نشر في: 19 أكتوبر, 2015: 09:01 م