لي صديقة من قبل أيام فيسبوك ثم صار هو الذي يجمعنا اليوم. ضحكت في وقتها عندما طلبت صداقتي. كيف يطلب صديقك بالواقع صداقتك في عالم افتراضي؟ هذه تحيرني وابلعها من باب للضرورة احكام. من بين طباع هذه الصديقة الحلوة انها تداهمني برسائل قصيرة وكأنها برقيات. كلها أسئلة سريعة وتناشدني بجواب أسرع. آخرها أمس: شنو معنى "ماله تالي" في "لتعاشر البذات والماله تالي"؟ يا صديقتي انه باختصار: الذي لم يكن ثم كان. شكرتني وبسرعة البرق ردت: فعلا هوّه هيج. لم اسألها عن الذي تقصد او بالأحرى نسيت ان أسأل لأني انشغلت بصور وأسماء الذين لعبوا بالعراق على هواهم وهم بلا اول.
ابحثوا في تاريخ أي حرامي من حرامية ما يسمى بعد التغيير فان وجدتم لهم أولا في ذاكرتكم او ذاكرة اهلكم، اشتموني. من صاحبنا أبو "ما ننطيها" وانتم نازلين الى مبتكر نظرية "التفريخ السيادي".
مشكلة هذا النوع من البشر انه مرعوب من ماضيه فيجهد نفسه في شخبطة مستقبل الناس. تزداد البلوى حين يطيح بيده المال العام ثم السلاح ثم الكرسي. هنا يصبح مثل "المسودن وبيده فاله".
عقدته ان الناس تعرف انه بلا ماض. حتى الذين يلتفون حوله ويصفقون له يدرك في قرارة نفسه انه لولا السلطة التي في يده لما اشتروه بفلس. يكاد يسمع انفاسهم تقول عكس السنتهم: كذّاب.
وترى الذي بلا أول يلهث مستعجلا بحثا عن تال. فان صادف وحقق إنجازا صغيرا يكبر في عينه ويتصور انه قلب الدنيا ولم يقعدها. في الحقيقة قد يكون ما انجزه لا يتعدى انجاز ذلك الذي فعلها في سوق الصفافير.
والذين ليس لهم تال قد تجدونهم في كل مكان وزمان. في الادب والثقافة والصحافة مثلما تجدون منهم اكواما في البرلمان والوزارات والسفارات. لا يحزنكم بقاؤهم جاثمين على صدر الوطن وصدوركم. تذكروا انهم بلا اول فحتما سينتهون الى بلا تال. لقد حزن قبلكم شاعرنا الكبير كاظم الركابي يوما فقال:
آنه أول من رچه عيونه اعله عينك وانت تالي
وآنه أول من أخذ جدمه اعله بابك وانت تالي
وآنه أول من كلت چلمة حبيبي وانت تالي
تالي غيري يصير الأول وآنه تالي؟
عن الماله تالي
[post-views]
نشر في: 20 أكتوبر, 2015: 09:01 م