في الآونة الاخيرة حاول البعض من دارسي الفن المسرحي تطبيق نظريات وتقنيات عليمة في الاعمال الفنية والمسرحية بالذات . صحيح ان الفن المسرحي يشمل مختلف الفنون : الشعر والموسيقى والرسم والنحت والعمارة والرقص ومختلف العلوم – الفيزياء والكيمياء والتاريخ والجغرافيا والانثرويولوجي والسوسيولوجي والسايكولوجي ، ولكن من غير ان تفرض نظرياتها وتقنياتها بل تدخل تلقائياً او تنعكس انعكاساً من النتاج المسرحي . صحيح ان الفن يتحرك بالالهام وبالوحي وبالموهبة كذلك العلم لا يتحرك الا بالالهام وبالوحي وبالموهبة ولكن الفرق بين الفن والعلم هو ان قوانينهما تختلف ، قوانين العلم تستوجب الانضباط والدقة والتفريق بين الصحيح والخاطئ . اما قوانين الفن فتقتضي التحرر والاحتمال وعدم التفريق بين ما هو صحيح وما هو خاطئ . والنتائج العلمية لا تحتمل النسبية بوقتها اما النتاج الفني وقتة فلا يحتمل مثل هذه النسبية وفي مجال تلقي العمل نادراً ما تتحكم النسبية اما في مجال الفن فنسبية التلقي حتمية فهناك من يتذوقه وهناك من لا يتذوقه.
نعم يكن استخدام التقنية الرقمية بالكومبيوتر في البعض من عناصر الانتاج المسرحي كالازياء حيث يمكن تعميمها بواسطة الكومبيوتر ويمكن استبدال تصاميمها بالطراز والشكل واللون بتصاميم اخرى متعددة وبالتالي يختار المصمم والمخرج ما هو انسب لهذه المسرحية او تلك. كذلك الحال بالنسبة لتصاميم المناظر المسرحية حيث يمكن للمصمم ان يقدم بدائل تصميمية عديدة للمخرج ويمكن لكليهما ان يجريا تعديلات او اضافات على هذا التصميم او ذاك مع الاخذ بنظر الاعتبار للكلفة المالية وللمواد المستخدمة وللتغييرات التي تحدث للمناظر خلال العرض. وهذا ما فعله المصمم (نجم عبد حيدر) عندما صمم مناظر مسرحية (كليوباترا) التي اخرجها (سامي عبد الحميد) لطلبة كلية الفنون الجميلة، حيث استخدم الكومبيوتر لتصاميمه للديكور بمفرداته المتحركة واشكالها المختلفة باختلاف مشاهد المسرحية وللاضاءة المسرحية يستخدم الكومبيوتر هذه الايام سواء في التصميم ام في التنفيذ ابتغاء للدقة والسهولة.
اما في مجالي الاخراج والتمثيل فلا يمكن للمخرج وللممثل ان يعتمدا على التقنية الرقمية وذلك للاسباب الآتية:
اولاً: يعتمد الابداع والابتكار في كلا الفنين على الالهام وعلى التلقائية ما يتعارض وتحديدات وتقيدات التقنية الرقمية.
ثانياً: للعوامل النفسية اثرها من تحقيق الابداع من الاخراج والتمثيل وكذلك خضوعهما للعديد من العوامل الاخرى الحسية والروحية والتي لا يمكن للتقنية الرقمية ان تستجيب لها وعندها سيتحول المخرج الى محرك دمى ولكنها غير مثالية بخلاف ما اراد (غوردن كريغ) وسيتحول الممثل الى دمية جامدة خالية من الروح .
ثالثاً: الابداع في الاخراج وفي التمثيل لحظوي حتى وان تم التخطيط له مسبقاً، حتى لو استخدم المخرج (كتاب التلقين) وما فيه من تعليمات وارشادات فان ما يحدث في التمارين المسرحية قد يغير ما يسجل في الكومبيوتر ام في كتاب التلقين، وفي الاخراج يمكن للمخرج ان يستخدم الكومبيوتر في تنظيم تكويناته للشخوص وتغيرها اثناء العرض ولكن يضطر المخرج الى تغيير تلك التكوينات اثناء التمارين لاسباب فنية. هكذا فان استخدام التقنية الرقمية في الانتاج المسرحي يحجم العملية الابداعية ويحدد اساليب الابتكار.
اما ما يخص مبدأ (الكوانتونم) وكيفية استخدامه في العملية الفنية عموماً وفي العملية المسرحية بشكل خاص فلا علاقة بنظرية (الكوانتونم) إلا من حيث علم الفيزياء الذي قد تدخل مبادؤه في جانب معين من تلك العملية كالاضاءة مثلاً والالوان ومتغيراتها.
(الكوانتونم) وحدة اساسية للطاقة حيث هناك مواد تعتمد متغيراتها على الكمية. الطاقة المخزونة التي لا تتدفق بسهولة واستمرارية واللتين تتوضحان بانبعاثها من ذرات الاجسام المشعة . وفي العملية المسرحية يبغي الممثل والمخرج والمصمم تدفق طاقاتهم المخزونة بسهولة وباستمرارية وبالضد من النظرية الفيزيائية للكوانتونم.
(الكوانتونم) و (التقنية الرقمية في الفن) ما لها وما عليها
[post-views]
نشر في: 26 أكتوبر, 2015: 09:01 م
يحدث الآن
مجلة بريطانية تدعو للتحرك ضد قانون الأحوال الشخصية: خطوة كبيرة الى الوراء
استشهاد مدير مستشفى دار الأمل الجامعي في بعلبك شرقي لبنان
استنفار أمني والحكومة العراقية تتحرك لتجنيب البلاد للهجمات "الإسرائيلية"
الـ"F16" تستهدف ارهابيين اثنين في وادي زغيتون بكركوك
التخطيط تحدد موعد إعلان النتائج الأولية للتعداد السكاني
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...