مع اقتراب فعاليات مهرجان المربد الشعري السنوي لهذا العام واشتغال الوزارة والاتحاد العام للأدباء والكتاب- المركز العام- بغداد وفرعه في البصرة على وضع الخطط الأولية له، يحدونا الأمل بأن نجد مهرجانا شعريا مختلفاً عن غيره، متميزا وناجحا، تجاوزت فيه الهيئة العليا المنظمة عثرات السنوات السابقة. ولا نظن ذلك بمستحيل عليهم، فقضية إنجاح فعالية ثقافية لم تعد من المهام الصعبة والمستحيلة إذا ما اعتمد القائمون على المهرجان آلية مختلفة تهدف قبل أي هدف إلى إظهار البصرة والثقافة العراقية في أجمل صورها.
ولأن إنجاح الفعالية هذه لا يعني جهة ما او يخص شخصا بعينه، إنما هي مسؤولية مشتركة نسعى لتعميقها مجتمعين، فقد كنت اشرت مع الزملاء في الاتحاد العام ببغداد وفرعه في البصرة إلى جملة آراء مستقاة من مشاركاتنا في مهرجانات عربية ودولية ومن خلال معاينات هنا وهناك. فقد تحدثت مع الأستاذ الناقد فاضل ثامر والصديق الشاعر كريم جخيور وزملاء آخرين بوجوب خروج المهرجان من طبيعته الاحتفالية الواسعة إلى فضاء اقل صخباً وإرباكاً، إذ ليست القيمة المبتغاة من مهرجان شعري كهذا في كثرة الحاضرين من الشعراء وأصدقائهم إنما القيمة المبتغاة تكمن في ما سيتحقق من جودة في القصائد وجـدَّة في الآراء واكتشاف للمواهب، والخروج بفعالية عالية التهذيب تمنح المواطن الآخر صورة اخرى للمدنية والتحضر.
ونرى أن الزيادة في عدد المدعوين تربك القائمين على إدارته، ذلك لأننا لا نمتلك فريق عمل قادراً على تنظيم الفعاليات الثقافية على وفق المعايير الصحيحة، ثم ان القضايا اللوجستية مثل النقل وإدارة الجلسات وتهيئة القاعات والاضاءة والصوت والمنام والطعام وقضايا أخرى غالبا ما نجدها تعرقل او تسيء لسمعة القائمين عليها وبما يضيع عليهم الجهد والنوايا الحسنة، ثم أننا رأينا أن تقليص عدد الشعراء الذين يقرؤون في الجلسات الشعرية إلى (خمسة ) كحد اعلى سيمنح الشاعر والناقد والمستمع الفرصة الأكبر لمعاينة المنجز الشعري للشاعر. ولا نجد في ذلك صعوبة حيث سيكون بمقدور اللجنة جعل القراءات الشعرية في أكثر من منصة وفي أمكنة مختلفة، لكي لا تضيع على أحد فرصة سماع الشاعر الذي يحبه ولا يُقهر أحدٌ على سماع شاعر لا يُحبه، وبذلك نكون قد حققنا فرصة متميزة، ثمينة للجميع.
ووجدنا ان قراءة الشعر في القاعات المغلقة لا تؤدي غرضا ثقافياً فهي تبخس حق المستمع التقليدي، لأنه قد لا يجد القاعة التي سيقرأ فيها الشاعر الذي يحبه أو انه في نقطة بعيدة عنها، لذا فقراءة الشعر في المقهى او المطعم او الحديقة أو المدرسة ووسط المدينة عملية ممكنة لإخراج الشعر من ظلمات القاعات الى الناس، بل ولإشاعته كحدثٍ ثقافي في وقت تتضافر جهود اخرى تدعي الفعل الثقافي او غيرها اقل شأناً على حشد الجمهور واستمالته في مسعى سياسي او ديني ضيق. وقد رأينا ما يشبه ذلك في مهرجانات مختلفة ووجدنا الفائدة كبيرة فيها.
ولأن إدارة المهرجان من أصعب ما تواجه اللجان المنظمة عادة نقترح فتح باب التطوع لطلبة الجامعة أو أية جهة مثل منظمة مجتمع مدني فالشباب قادرون على صنع ما ليس بمقدور زملائنا الادباء على صنعه والقيام به، على أن يكون دور الادباء في اللجنة دوراً إدارياً علوياً، أما بقية التفاصيل فالشباب أجدر على القيام بها، وسيكون ذلك تقليداً سنويا ومساهمة منهم في التقرب من الشعراء والتعرف على واقع الثقافة والتجارب الشعرية لكبار الشعراء والمثقفين.
وأخيرا على إدارة المهرجان ان تجعل من المناسبة هذه فعلا يُعنى به جميع سكان المدينة وليس حصره بين طبقة المثقفين فقط، من خلال طبع آلاف النسخ من الفولدر الخاص به والحرص على وجوده في المطاعم والمقاهي والمكتبات والاماكن العامة، شريطة ان تُدرج فيه مواعيد الجلسات الشعرية وأسماء الشعراء المشاركين واماكن القراءات كما إن طباعة كتاب مختارات لمقاطع من القصائد التي قُرئت في المرابد السابقة مع صور الشعراء والجلسات الشعرية في الامكنة التي أُقيمت فيها الجلسات تلك سيمنح الشعراء والجمهور فرصة انتشار أوسع تعميماً ودعماً لفعل الثقافة التي باتت خارج التداول الشعبي. وهناك أكثر من رأي وأكثر من فعل وأكثر من ممارسة كلها ستصب في صميم إنجاح مهرجان المربد الشعري الذي نسعى جميعاً لإنجاحه.
مقترحات لمهرجان المربد الشعري المقبل
[post-views]
نشر في: 27 أكتوبر, 2015: 09:01 م
يحدث الآن
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...