احد السياسيين المتقاعدين،حين يستذكر امام ابنائه واحفاده، شعارات مرحلة الصراع على السلطة بين القوى العراقية، يذرف الدموع واحيانا يضرب راسه بالحائط، تعبيرا عن اسفه الشديد لضياع سنوات شبابه في خوض معترك تحمل دفع ثمنه الباهظ بالملاحقة ثم عقوبة السجن. شعارات الماضي العراقي بقدر ما كانت تحمل دعوات لانزال اشد العقوبات بحق المعارضين ، احتوت على مفردات تثير السخرية بمقاسات الزمن الحاضر، لكنها بمجملها عبرت عن الرغبة في الوصول الى السلطة بشتى الطرق ولا ضير من الاستعانة بطرف خارجي.
"اعدم لا تكول ما عندي وكت"، و"باسم الشعب يحكم المهداوي" و"نفط العرب للعرب موتوا يا رجعية"، و"باجر بالقدس يخطب ابو هيثم" في اشارة الى ان تحرير فلسطين، سيتحقق لا محالة ويخطب الرئيس العراقي الاسبق احمد حسن البكر في الاراضي المحررة. كل هذه الشعارات وغيرها ينظر لها السياسي المتقاعد، بانها تندرج ضمن الظاهرة الصوتية العربية، محذرا الابناء والاحفاد من التعاطي او التعاطف معها،لأنها السبب المباشر في كل النكبات والازمات في المنطقة العربية.
نصيحة الرجل للأبناء والاحفاد بعدم تصديق الشعارات لخصها برواية قصة كان هو بطلها. ففي سنوات عمله السياسي طرح سؤالا على رفاقه في الاجتماع الحزبي عن افضل شعار في المرحلة ليكون دليل عمل في ظل اتساع النفوذ الامبريالي في المنطقة للوقوف ضد تحركات الشعوب نحو التحرر والتقدم بدعم الاتحاد السوفيتي ودول المنظومة الاشتراكية، فشل الرفاق في تحديد الشعار المناسب، لكن احدهم قال ان" شعير المرحلة " يتطلب المزيد من الدعم لنصرة الشعوب لضمان نجاح تحقيق اهدافها، فرد المسؤول: رفيقي شعار المرحلة وليس الشعير، ثم انتهى الاجتماع بتحديد موعد لعقد اجتماع آخر في منزل الرفيق صاحب مقولة شعير المرحلة.
في تجمع عشائري نظم في محافظة جنوبية لتجديد الولاء المطلق للقيادة الحكيمة قبل الغزو الاميركي للعراق، ردد المشاركون اهزوجة "باجر نصبح بإسرائيل اسمع يالغازي". الاهزوجة من وجهة نظر السياسي المتقاعد، تجسد بشكل لا يقبل الشك استخدام الظاهرة الصوتية في مواجهة الاعداء وتحقيق انتصارات يرددها الاعلام الرسمي بوصفها معجزة لم يعرفها التاريخ الانساني.
مقولة "شعير المرحلة"، يوم اطلقها الرفيق احدثت تحولا في تفكير مسؤوله الحزبي، لما تحمل من ارهاصات واستشراف للمستقبل، وخير دليل اثبات على ذلك فشل كل الشعارات في المنطقة العربية على تحقيق اهدافها، لم يتحرر شبر واحد من الاراضي المحتلة الخاضعة لسيطرة اسرائيل ، والمرشح لإلقاء خطاب في القدسغادر الحياة فاصبح شعير المرحلة العلامة الفارقة لأنظمة اجادت استخدام الصوت للحفاظ على تمسك الحزب الحاكم بالسلطة.
على قاعدة "باجر نصبح باسرائيل" تشهد الساحة العراقية اطلاق تصريحات نارية من نوع حارق خارق ضد الدول الداعمة للارهاب، العراقيون يتطلعون الى تحويل الاقوال الى افعال لعلهم يتخلصون من "شعير المرحلة."
شعير المرحلة
[post-views]
نشر في: 28 أكتوبر, 2015: 09:01 م