يندر ان يمر مسؤول عراقي بالتجارب التي مر بها حيدر العبادي منذ صيف ٢٠١٤. فقد رشحته الكتلة الشيعية نائبا لرئيس البرلمان بالتوافق، وكاد ان يفشل في الفوز بثقة النواب، اثر تقدم الدكتور احمد الجلبي بترشيح نفسه على نحو مباغت، في سابقة مثيرة كانت تصمم رسائل للداخل والخارج بشأن نوري المالكي.
لكن العبادي سرعان ما وجد نفسه رأس الرمح في تغيير كبير حرم المالكي من الولاية الثالثة، وجعل رئيس الحكومة الجديد يحظى بدعم واسع. وقد نجح في تجربة "اخلاقيات جديدة" في بداية تسلمه المنصب، ودشن حملة علاقات عامة، وادار حوارا طموحا مع التحالف الكردستاني واتحاد القوى. لكن الحوارات الداخلية خضعت لتجميد قاس ضمن اجواء الاتفاق النووي بين واشنطن وطهران، وجعلت الانظار تتجه الى العبادي كعاجز سياسيا، رغم ان العجز يمس كل قيادات التحالف الشيعي.
ومن انجماد السياسة العاجزة انتقل العبادي الى اكثر مواسم الصيف قسوة، حتى واجه مظاهرات تكاد تطيح به، ثم وبسرعة واثر تدبير معقد اوحت به النجف، نجح العبادي في التحول من عاجز يهدده المالكي وحلفاؤه، الى بطل الاصلاحات المأمولة، فانقلبت المظاهرات الى مسيرات تأييد له!
الا ان هذا لم يدم ايضا، فسرعان ما بدأ الناس يتساءلون عن الخطوات الحقيقية، بعد زوال النشوة التي اعقبت اقالة المالكي ورفيقيه، فعاد العبادي مغضوبا عليه، تحاصره استحقاقات سلم الرواتب والامطار وهمهمات الدب الروسي في سماء العراق.
ثم اصبح العبادي نموذجا نادرا لرئيس وزراء "بلا حزب". اذ يمكن القول عمليا ان حزب الدعوة او الجزء ذي الصوت العالي منه، تخلى عن العبادي منذ حادثة "القائد الضرورة". انها اول مرة يقوم فيها حزب بالسخرية من رئيس الحكومة الذي ينتمي اليه. وها هو الموقف يتطور بغموض والتباس، وتتناقض المعلومات والمواقف، لان كتلة دولة القانون انقسمت الى "جناح الصيادي" الذي يفضل القرارات الثورية ويكفر بالتدابير المتأنية ويدعو لسياسة الارض المحروقة. اما القسم الاخر من الكتلة فقد دخل في حوار مغلق، بينما تتقافز اشياء ثقيلة وخفيفة من النوافذ وتعكس حدة الارتباك، لان العبادي يخوض تجربة نادرة من الصعود والنزول، والحزب يواجه لاول مرة تناقضا رهيبا بين "جناح الصيادي" والعبادي.
ويعتقد خبراء ان هناك فرصة للاطاحة بالعبادي، وهذا امر معقول نتيجة عدم رضا وشكوك تتصاعد عند الاطراف السياسية، ولابد للعبادي ان يسارع لمعالجة ذلك، اذ لايوجد رئيس حكومة يستطيع العمل بلا شركاء. ولكنني شخصيا، اعتقد انه كلما دخل "جناح الصيادي" على خط إضعاف العبادي، كلما اكتسب العبادي دعما جديدا وشرعية اضافية، اذ يحدق الناس في قسمات الوجوه ويتأملون الشرر المتطاير والعنتريات، فيعودون متعاطفين مع "ابو يسر". وهذا ليس حظاً، بل فرصة بمعنى سياسي كبير لابد ان يجري اغتنامها ببرامج تشاورية واضحة، مع توجيه شكر وافر ل"جناح الصيادي
بقاء العبادي وزواله
نشر في: 31 أكتوبر, 2015: 09:01 م
انضم الى المحادثة
يحدث الآن
الإطاحة بأربعة دواعش بينهم الوالي الشرعي لقاطع سليمان بيك في صلاح الدين
حماس: عملية الدهس رد طبيعي على جرائم الاحتلال والمقاومة مستمرة حتى زواله
طهران: لم نحسم بعد مكان الجولة الثانية من المفاوضات مع واشنطن
العراق يواجه كوريا والأردن في حزيران ضمن تصفيات المونديال
أسعار صرف الدولار تنخفض بمقدار 250 ديناراً بالأسواق العراقية
الأكثر قراءة
الرأي

التنافس الاستراتيجي بين الولايات المتحدة والصين: تحديات القرن الواحد والعشرين
محمد علي الحيدري التنافس بين الولايات المتحدة والصين أصبح في السنوات الأخيرة أحد أبرز القضايا التي تحدد ملامح السياسة العالمية، حيث يشتد في المجالات الاقتصادية والعسكرية والتكنولوجية بشكل يثير الكثير من التساؤلات حول مستقبل...
جميع التعليقات 2
ابو سجاد
ياسيدي الفاضل ان العبادي ليس رجل مرحلة بهذا الحجم الذي يفوق قدراته انه ليس برجل سياسة وقد اثبت ذلك من خلال هذه الفترة لم يحقق اي نجاحا ولم يحسم امرا وبقى مترددا وحائرا امام فرصا كثيرة منحت له ولو كان مسؤلا اخر للاقى نجاحا منقطع النظير لكنه فشل فشلا ذريع
ابو سجاد
ياسيدي الفاضل ان العبادي ليس رجل مرحلة بهذا الحجم الذي يفوق قدراته انه ليس برجل سياسة وقد اثبت ذلك من خلال هذه الفترة لم يحقق اي نجاحا ولم يحسم امرا وبقى مترددا وحائرا امام فرصا كثيرة منحت له ولو كان مسؤلا اخر للاقى نجاحا منقطع النظير لكنه فشل فشلا ذريع