لوأنّ عشرة آلاف متظاهر تجمعوا في اعتصام سلمي تحت نصب الحرية ، حاملين معهم مطالبهم " الجادة " وتصميمهم أنهم لن يغادروا الساحة قبل تنفيذها، فسوف يحدث الإصلاح الحقيقي ، هذه الكلمات ربما يعتبرها البعض نوعاً من " البطر " وربما آخرون سيقولون : وانت ما شأنك ، لماذا تحشر أنفك في أمر لايعنيك ، وسيقول ثالث حتما : ياأخي انشغل أنت بكتابة الاعمدة التي تسخر فيها من حذاء عالية نصيف ودروشة محمود المشهداني ، فاللاحتجاجات رجالها الذين يعرفون متى وكيف يسلكون الطريق الى المنطقة الخضراء ليزلزلوها ، لكلّ الذين سيسخرون أقول لهم : يا أحبائي أنا مواطن وضعت آمالي في هتافاتكم ، وحلمت بأن العبادي سيأتي راجلا الى ساحة التحرير ليستمع الى مطالبكم ، ولم اكن ادرك ربما لجهالة مني أن الاعتصام يجب ان يكون في مكتبه الخاص .
أتذكر أنني قرأت قبل سنوات كتاباً لصحفي مصري بعنوان " الطريق الى قصر عابدين " يشرح فيه لنا نحن الذين لانعرف اساليب الاحتجاج ، كيف تحول معارضون كبار الى جزء من قصر حسني مبارك ، وأتذكر من هذا الكتاب مقدمته الثرية التي كتبها المفكر المصري طارق البشري حيث استوقفتني هذه العبارات التي يقول فيها : إن الشعب لا يعد حقيقة مادية ملموسة إلا بالتنظيمات التي تنتظم فيها فئات وطبقات وتجمعات.. وبغير هذه التنظيمات لا يتحول العمل السياسى إلى قوة مادية ، وان أي نظام سياسى أو اجتماعى باق ومستمر ، حتى توجد القوة المنظمة التي تغيره أو تعدله" .
نتذكر جميعنا كيف ان شباب تونس قبل سنوات استوعبوا درس الاحتجاج جيدا ، وكيف تغلبوا على ترددهم برغم قوة الاجهزة الامنية آنذاك وسطوتها ، فدرس التغيير واحد في معظم بقاع الارض ، يقول بوضوح إنه بإمكان الناس اذا احسنت تنظيمها ان تحقق ما تريد من مطالب ، شرط ان يكونوا مستعدين لدفع الثمن ، وهو بالتاكيد اتهامات بالخيانة ، وخطب عن اجندات اجنبية ، وشراء ذمم ، ومطاردة بهراوات قوات الشغب ، لكن النهاية ستكون حتما قناعة المسؤول والسياسي ، بان الخطأ لايمكن ان يستمر الى ما لانهاية .
وربما سيسخر مني البعض ويقول هذا كاتب بطران منذ متى والحكومة واجهزتها الامنية تسمح بالاعتصمام ، فما بالك بالعصيان وهو " محرم " في شرائع مسؤولينا المؤمنين؟
والسؤال إلى اصدقائي جميعا : وهل سمعتم يوماً ان اجهزة امنية سمحت لمتظاهرين بالاعتصام سواء في تونس او مصر ، ياسادة عندما يكون الاحتجاج صادقا وخالصا لوجه الوطن فهو بالتاكيد لا يحتاج إلى إذن أحد.
الطريق إلى المنطقة الخضراء
[post-views]
نشر في: 7 نوفمبر, 2015: 09:01 م
جميع التعليقات 2
محمد سعيد
ما يفتقره المتظاهرون ليس فقط التنظيم, بل بالدرجه الاولي الوعي الفكري الكامل بما يراد تغييره, حيث ان النظام الحالي اصبح ليس فقط عتيقا , بل تجاوز حدود منطق ديمومته رغم بقاء الكثر يلوك كلمات الاصلاح . اي اصلاح لنظام لم يؤسس بقواعد وطنيه راسخه,
محمد سعيد
ما يفتقره المتظاهرون ليس فقط التنظيم, بل بالدرجه الاولي الوعي الفكري الكامل بما يراد تغييره, حيث ان النظام الحالي اصبح ليس فقط عتيقا , بل تجاوز حدود منطق ديمومته رغم بقاء الكثر يلوك كلمات الاصلاح . اي اصلاح لنظام لم يؤسس بقواعد وطنيه راسخه,