التجربة الديمقراطية بنسختها العراقية ، على الرغم من اعتمادها منذ اكثر من عشر سنوات ، لم تحد من تطلعات جهات واشخاص واطراف للحصول على السلطة ، بذريعة تحقيق مصالح الشعب العراقي ، المنطقة العربية كانت ومازالت بيئة ملائمة لتنفيذ انقلابات بأنواعها العسكري والابيض والاسود المصخم بدعم من قوى خارجية ، المتضررون من اجراءات رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي الاصلاحية ، بدأت تلاحقهم الشبهات بالتخطيط لتنفيذ انقلاب ، فمن فقد منصبه يحاول بشتى الطرق والاساليب العودة الى تصدر المشهد، ليثبت لقواعده الشعبية انه الرمز الوطني الوحيد القادر على اخراج العراق من عنق الزجاجة ، في ظل التحديات الراهنة المتمثلة باحتلال تنظيم داعش اجزاء واسعة من الاراضي ، مع ازمة مالية تلوح بانهيار الاقتصاد العراقي .
الحكومة الحالية اصدرت حزمة اصلاحات بعضها قوبل بترحيب شعبي ، والاخر اثار غضب قوى سياسية لطالما اعلنت ايمانها بمبدأ التداول السلمي للسلطة ، حين وصلت نيران الاصلاح الى اذيال دشاديشها ، استغاثت وحذرت من نشوب حريق يهدد المعادلة السياسية المعتمدة منذ الغزو الاميركي للعراق ، في السنوات السابقة برزت خلافات بين التحالفات القائمة ، تحولت اليوم الى التحالف والائتلاف الواحد ، العبادي القيادي في حزب الدعوة الاسلامية وائتلاف دولة القانون لم يستطع الحصول على التأييد لخطواته الاصلاحية بل تحول الى خصم ، والرجل بصلاحياته الدستورية ، امامه تحديات كبيرة وشوط طويل ، ليحقق تكتلا برلمانيا قادرا على دعمه لحين انتهاء ولايته بسلام ، في اقل تقدير لمنع تنفيذ انقلاب يقوده اصحاب الدشاديش المحترقة من نيران الاصلاح .
بالضد من تحركات الاخرين، يحاول العبادي ان يحصل على دعم الشركاء ، مهمته تبدو صعبة لان الشروط المسبقة تعرقل انجاز الاتفاق ، تبدأ من اعطاء ضمانات لتطبيق وثيقة الاصلاح السياسي ، وتنتهي بحسم جميع القضايا الخلافية المرحلة من الدورات الحكومية والتشريعية السابقة ، في مساحة الخلافات الشاسعة بين الفرقاء هناك من يحاول ان يستثمر الخلاف القائم لاسترجاع مكاسبه المفقودة .
الديمقراطية في العراق لم تدخل بعد الى داخل التنظيمات والاحزاب ، منذ سنوات لم يعلن تنظيم سياسي عقد مؤتمر لانتخاب امينه العام ، فانتقلت الزعامة الى الابناء بارتداء دشداشة الاب ، ثم العمل على توفير الاجواء المناسبة لتكون ملائمة للحفيد ، بقاعدة انتقال الدشاديش يحرص القادة على خوض المعترك السياسي ، مع استعداد كامل على التحالف مع الشيطان ضد الملائكة في لحظة الشعور بخطر فقدان المكاسب.
"عمي يالعبادي" قالها رجل تجاوز السبعين من العمر عاصر مراحل الصراع السياسي المحتدم في العراق للحصول على السلطة ، وجه كلامه الى رئيس مجلس الوزراء ، ان كنت تريد الدعم من الحلفاء والشركاء ، عليك اعادة النظر بمواقفك ، ليس امامك من خيار سوى الاصطفاف مع المتظاهرين ، لإنقاذ البلاد من اصحاب الدشاديش الديمقراطية .
دشداشة الديمقراطية
[post-views]
نشر في: 8 نوفمبر, 2015: 09:01 م