TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > دستور "عوازة "

دستور "عوازة "

نشر في: 10 نوفمبر, 2015: 09:01 م

الاطراف المشاركة في الحكومة الحالية لطالما أكدت تمسكها بالدستور لضمان استقرار الاوضاع السياسية في العراق ، حين تصل العلاقة بين الفرقاء والشركاء الى مستوى الدهن والدبس يكون الدستور مرجعية الجميع ، مع هبوب الرياح متوسطة السرعة في مواسم الخلاف وهي كثيرة ، توجه القوى السياسية سهامها للدستور ، فتحمله مسؤولية اندلاع الأزمات وعرقلة حسم الملفات العالقة الشائكة.
حقيقة كتابة الدستور تحت الضغط والوصاية الاميركية ، ترسخت في أذهان العراقيين ، لكنهم منحوا ثقتهم لممثليهم في لجنة كتابة الدستور للخروج بنص قانوني متماسك متكامل غير خاضع لتفسير يشير الى وجود خلل، ربما يؤدي الى اندلاع مشكلة تحتاج الى تدخل المحكمة الاتحادية فتصدر قرارها المثير للجدل يتقبله على مضض الطرف المتضرر ، فيشن حملة تستهدف اعضاء لجنة كتابة الدستور .
الجانب الاميركي كان في عجلة من أمره عندما اختار 55شخصاً لكتابة الدستور الدائم ، يمثلون المثلث العراقي مختلف الاضلاع الشيعي السني الكردي ، من اعضائها طارق الهاشمي وعبد الناصر الجنابي ومريم الريس وحسين الفلوجي وجلال الدين الصغير ، رئيس اللجنة الشيخ همام حمودي النائب الثاني لرئيس مجلس النواب ، استحدث قبل خوض الانتخابات التشريعية السابقة عيادة قانونية تقدم استشاراتها للمراجعين مجانا ، العيادة بامكانها اليوم ان تنزع فتيل الخلاف السياسي ، بافتتاح ردهة لمعالجة المصابين بالزهامير السياسي .
تقارير المنظمات الصحية الدولية ، ذكرت ان رؤساء الدول فضلا عن كبار الساسة هم أكثر تعرضاً للاصابة بالمرض مقارنة بالآخرين ، النماذج كثيرة ،وخير برهان على صدقية تقارير المنظمة، ما تشهده المنطقة العربية من قرارات مثيرة للجدل صادرة عن صانع القرار سواء كان النظام رئاسيا او برلمانيا ، فتكون خير دليل على اصابة المتربع على السلطة بالخرف ، اجلكم الله ، فخامته يصدر قرارا يقضي بمنع الستوتات من السير في شوارع العاصمة ، بعد مرور اقل من اربع وعشرين ساعة ، يتخلى عن قراره استجابة للمطالب الشعبية ، المجلس النيابي يصوت بالاجماع على تخصيص حصانين لجر عربة العملية السياسية ، لكنه في جلسة اخرى يتراجع عن موقفه ، بين تصويت وتصويت ، يثبت ممثلو الشعب بأنهم بحاجة ماسة الى مراجعة عيادة همام حمودي القانونية لفهم المواد الدستورية.
مرض الزهايمر السياسي انتشر في المنطقة ، امتد الى الساحة العراقية فأصبح وباءً مثل الكوليرا ، خطورته تتمثل بعدم وجود اللقاح ، فضلا عن غياب أساليب الوقاية ، علاماته تتجسد بتقاطع المواقف ، اعلان التأييد والدعم للاصلاحات الحكومية ، ثم التنصل عنها ، حين يطال الاصلاح المواقع والمناصب ، بمعنى أخر حين يستهدف المصالح الحزبية والكتلوية .
المفاوضات الماراثونية لتشكيل الحكومتين السابقة والحالية اعتمدت التوافق بوصفه الخيار الوحيد المتاح لتمثيل المكونات العراقية في السلطة التنفيذية ، وثيقة اتفاق اربيل ثم وثيقة الاصلاح السياسي ، كانتا اشبه بدستور "عوازة" طرح على طاولة المفاوضات مع المقبلات وشيش بصل مشوي.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram