الاطراف المشاركة في الحكومة الحالية لطالما أكدت تمسكها بالدستور لضمان استقرار الاوضاع السياسية في العراق ، حين تصل العلاقة بين الفرقاء والشركاء الى مستوى الدهن والدبس يكون الدستور مرجعية الجميع ، مع هبوب الرياح متوسطة السرعة في مواسم الخلاف وهي كثيرة ، توجه القوى السياسية سهامها للدستور ، فتحمله مسؤولية اندلاع الأزمات وعرقلة حسم الملفات العالقة الشائكة.
حقيقة كتابة الدستور تحت الضغط والوصاية الاميركية ، ترسخت في أذهان العراقيين ، لكنهم منحوا ثقتهم لممثليهم في لجنة كتابة الدستور للخروج بنص قانوني متماسك متكامل غير خاضع لتفسير يشير الى وجود خلل، ربما يؤدي الى اندلاع مشكلة تحتاج الى تدخل المحكمة الاتحادية فتصدر قرارها المثير للجدل يتقبله على مضض الطرف المتضرر ، فيشن حملة تستهدف اعضاء لجنة كتابة الدستور .
الجانب الاميركي كان في عجلة من أمره عندما اختار 55شخصاً لكتابة الدستور الدائم ، يمثلون المثلث العراقي مختلف الاضلاع الشيعي السني الكردي ، من اعضائها طارق الهاشمي وعبد الناصر الجنابي ومريم الريس وحسين الفلوجي وجلال الدين الصغير ، رئيس اللجنة الشيخ همام حمودي النائب الثاني لرئيس مجلس النواب ، استحدث قبل خوض الانتخابات التشريعية السابقة عيادة قانونية تقدم استشاراتها للمراجعين مجانا ، العيادة بامكانها اليوم ان تنزع فتيل الخلاف السياسي ، بافتتاح ردهة لمعالجة المصابين بالزهامير السياسي .
تقارير المنظمات الصحية الدولية ، ذكرت ان رؤساء الدول فضلا عن كبار الساسة هم أكثر تعرضاً للاصابة بالمرض مقارنة بالآخرين ، النماذج كثيرة ،وخير برهان على صدقية تقارير المنظمة، ما تشهده المنطقة العربية من قرارات مثيرة للجدل صادرة عن صانع القرار سواء كان النظام رئاسيا او برلمانيا ، فتكون خير دليل على اصابة المتربع على السلطة بالخرف ، اجلكم الله ، فخامته يصدر قرارا يقضي بمنع الستوتات من السير في شوارع العاصمة ، بعد مرور اقل من اربع وعشرين ساعة ، يتخلى عن قراره استجابة للمطالب الشعبية ، المجلس النيابي يصوت بالاجماع على تخصيص حصانين لجر عربة العملية السياسية ، لكنه في جلسة اخرى يتراجع عن موقفه ، بين تصويت وتصويت ، يثبت ممثلو الشعب بأنهم بحاجة ماسة الى مراجعة عيادة همام حمودي القانونية لفهم المواد الدستورية.
مرض الزهايمر السياسي انتشر في المنطقة ، امتد الى الساحة العراقية فأصبح وباءً مثل الكوليرا ، خطورته تتمثل بعدم وجود اللقاح ، فضلا عن غياب أساليب الوقاية ، علاماته تتجسد بتقاطع المواقف ، اعلان التأييد والدعم للاصلاحات الحكومية ، ثم التنصل عنها ، حين يطال الاصلاح المواقع والمناصب ، بمعنى أخر حين يستهدف المصالح الحزبية والكتلوية .
المفاوضات الماراثونية لتشكيل الحكومتين السابقة والحالية اعتمدت التوافق بوصفه الخيار الوحيد المتاح لتمثيل المكونات العراقية في السلطة التنفيذية ، وثيقة اتفاق اربيل ثم وثيقة الاصلاح السياسي ، كانتا اشبه بدستور "عوازة" طرح على طاولة المفاوضات مع المقبلات وشيش بصل مشوي.
دستور "عوازة "
[post-views]
نشر في: 10 نوفمبر, 2015: 09:01 م