لعبة جر الحبل اختفت منذ زمن بعيد ، أطفال اليوم بإستثناء أبناء ألاسر القابعة تحت خط الفقر ، فضلوا استخدام الالعاب الالكترونية في الهواتف الذكية والاجهزة اللوحية ، فأسدلوا الستار نهائيا على ألعاب كانت سائدة في الماضي (الجعاب والدعبل وبلبل حاح والمصاريع) وغيرها ، ميدان ممارستها يكون في الشوارع والازقة الضيقة ، في بعض الاحيان عندما تشتد المنافسة بوجود لاعب مشاكس يخترق قواعد اللعبة ، تحصل مشاجرات ، تشجع نساء الطرف على تشغيل منظومة الشتم والسباب المتبادل ، سرعان ما تنتهي بتدخل الرجال ، واجبارالخصوم من (الزعاطيط) والنساء على تقديم الاعتذار ثم تشهد المحلة عودة حالة السلم لكنها تبقى مهددة بخرق المشاكين قواعد اللعبة .
المشاركة في لعبة جر الحبل لا تقتصر على الاطفال من كلا الجنسين ، بل يمارسها الكبار ايضا لاستعراض قوة عضلاتهم في جر الفريق الخصم الى خط مرسوم على الارض لحظة تجاوزه يعلن الحكم خسارة الفريق المجرور الى موقع الهزيمة ، تتكرر اللعبة استجابة لرغبة المهزومين في تحقيق النصر ، لكنهم يفشلون لأن قوتهم العضلية مقارنة بخصومهم لا تقوى على احراز الفوز العظيم ، فيضطرون الى مغادرة الميدان تلاحقهم عبارات وأهازيج ساخرة من فشلهم في خوض المنازلة.
دخلت لعبة جر الحبل او سحب الثقة الى المشهد السياسي العراقي ، حين تضطرب العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية ، في الحكومة السابقة حاولت كتل نيابية جمع اصوات ثلثي اعضاء مجلس النواب لسحب الثقة عن رئيس مجلس الوزراء السابق نوري المالكي لتنصله عن التزاماته بتطبيق اتفاقية اربيل ، استعدت الكتل لخوض المنازلة ، لكن الحبل لم يتوفر في اللحظات الاخيرة ، قيل حينذاك ان طرفاً خارجياً تدخل وضغط ، للتخلي عن اللعبة ، مقابل طرح مقترح لعقد مؤتمر وطني ، يتبنى تنفيذ ورقة اصلاحات شاملة ، تحسم الخلافات بين الاطراف المشاركة في الحكومة ، فتأجلت لعبة جر الثقة الى إشعار آخر ، ثم طواها النسيان بتشكيل الحكومة الحالية ، واعتماد وثيقة الاصلاح السياسي برنامجا ملزما لجميع الاطراف .
داخل الغرف المغلقة وخلف كواليس البرلمان ، يدور الحديث حول رغبة بعض الاطراف في ممارسة لعبة جر الثقة عن رئيس الحكومة حيدر العبادي ،أصحاب العضلات المفتولة حشدوا ذوي الوزن الثقيل بالكروش الكبيرة لضمهم الى فريقهم لخوض المنازلة المرتقبة ، لإعتقادهم بأن حجم الكتلة ووزنها ، سيوفران فرص الفوزعلى الخصوم بجرة حبل واحدة بإستخدام التصويت الالكتروني .
الايام القليلة المقبلة ستشهد إعلان مواقف الخصوم مع استعدادهم لخوض لعبة "جر الثقة " ، الكتلة الكبيرة ضمت اصحاب الوزن الثقيل ، بإنتظار إعلان ساعة الصفر تحت قبة البرلمان ، سواء توفر الحبل او منعت إرادة خارجية إستخدامه في مواسم اندلاع الازمات " جر وآني أجر ونشوف تاليها" قالها مسؤول كبير ، حضر اجتماعا عقد في غرفة مغلقة بمقر الحزب الحاكم في ولاية بطيخ .
لعبة "جر الثقة"
[post-views]
نشر في: 11 نوفمبر, 2015: 09:01 م