TOP

جريدة المدى > تشكيل وعمارة > مسرات(مثنى البهرزي) وأوجاعه ..من وجوه وشبابيك ... إلى وقائع موت معلن

مسرات(مثنى البهرزي) وأوجاعه ..من وجوه وشبابيك ... إلى وقائع موت معلن

نشر في: 13 نوفمبر, 2015: 09:01 م

   لعل مَرد تقمصّ ذاكرة الفنان (مثنى البهرزي) لمجمل وجوه شخوص أبطال أوجاعه في معرضه الشخصي الخامس،ذلك الذي استجاب-اضطراراً-لسطوة عنوان صادم ومحير هو(خواطر... في زمن الموت) المقام في أروقة قاعة دائرة الفنون /مبنى وزارة الثقافة في مستهل الأول

   لعل مَرد تقمصّ ذاكرة الفنان (مثنى البهرزي) لمجمل وجوه شخوص أبطال أوجاعه في معرضه الشخصي الخامس،ذلك الذي استجاب-اضطراراً-لسطوة عنوان صادم ومحير هو(خواطر... في زمن الموت) المقام في أروقة قاعة دائرة الفنون /مبنى وزارة الثقافة في مستهل الأول من آذار/2015-تعود الى نضخ  نوباتٍ وحالاتٍ من التمرّد،في فضح حواضر من تلميحات لإدانات تراكميّة أخذت تنوء بحمل ما تركته الفقدانات بالرحيل أو الموت،جراء تناسل أوجاع داخلية ملزمة بروافد خارجيّة  توافدت من داخل رحم أزمة الوطن المكبوت تحت راية ما سميّ بـ(التغيير)،ولكن ما حَصل -فعلاً- لهو جمع من متواليات أفعال وممارسات وسلوكيات حافلة بكل أنواع وأشكال الخوف المبرم بالغموض والتّوجس،وتصدعات الشعور الضمني مشحونا بمشاعر من أسى و تشظيات اندحار.

 

نمو الصدمة واستنهاض الحيرة هائمةً في تناقضات وتوافد ذلك العنوان،تمر من تحت بوابة سؤالٍ ترعرع ملتبساً بالتوقف والتفكير عن كيفيّة أن تكون الخواطر- بمحصول فهمنا التداولي لها-قادرة على ترجمة وتجسّيد ترف وجودها، ورهافة حضورها في زمن بلا أدنى حياة وروح تجانب حلاوة وحيويّة الأشياء والوجوه والشخوص القادرة على التخاطر والانشراح والانفتاح على بعضها،كالتي زهت بها أعمال (مثنى) في نواعم وطراوة تأملاته التعويضيّة-لا شعورياُ- في خلجات معرضه الشخصي الرابع -في ذات القاعة- ولكن في العشرين من آب/2013،وكان المعرض وهو ضمن فعاليات مشروع بغداد عاصمة للثقافة العربيّة- قد حمل عنوانا مترفا-الى حدٍ ما- هو(وجوه وشبابيك).

تماهيات اللوعة والحنين
وبعد أن كانت نساء ( مثنى البهرزي)ساهيات،غارقات، متماهيات مع ذوائب تطلعات ذوات حالمة ومتسامية ومسالمة مع المحيط الذي تحيا فيه،عامرة بفيض أرواح محلقة بعناوين استذكارات وملامح وجوه هائمة تكادتتهامس فيما بينها،ولا تبوح بغير الحُبّ وطراوة أحلام تعلن عن نسق طراوة ذكريات بخواطر لونية دون أدنى إسراف أو تبذير في مَهام توصيل غاياتها عبر متون تلك الأعمال بوحدات من تناغٍ وانسجامٍ وتلاقٍ حيّ ومتفاعل في ترسيم خواتم هذا العرض وتعميد مقاصده بالاعتماد على اللون (أكريللك/ أقلام شمع/و تقنيات لصق-كولاج ،فضلاً عن مواد أخرى) في توريد ضخ حالات درامية،تسعى لتعيد ملامح من تلك الذكريات التي حفرت عميقا في دواخله نحو توحد ذاتي،يشي بجملة من علاقات تناسلت من بين تلك الوجوه وما بين خلل (فتحات) شبابيك مفتوح صوب تناغي روحه مع ما استطاعت (أي الروح) من شحذ طاقة الاستذكار على هذا النحو المتتابع من فرضة هيبة الوجه وهو يشغل أكبر مساحة ممكنة من عموم مساحات الكثير من أعمال هذا المعرض،لما تنسم بروح ورائحة اللون،وقوة ورشاقة الخط،مدعوماً بليونة الحركة وبراعة السعي في خلق حالات من الصراع والتنامي،بما يتوازى تطلعات الفنان المفتون بالشعر وحُبّه الطاغي للمرأة والإنسانية الذائبة في ينابيع اللون ومباهج الجمال،حتى في أقسى وأقصى حالات المثول أمام لوعات ذلك تقاطرات الحزن وتوالي نوبات الحنين المبهر الى ذلك الماضي الذي ظل يناور فيه(مثنى)من أجل نحت وجوه لشخوص لم يغادروا-يوماُ- بريق ذاكرته المُتخمة بحضورهم الدائم،وعلى النحو المقترح من قبله.
كان لابد من التوقف والتأمل والتركيز بالتذكير والتفكير لنوازع ومرامي ذلك المعرض،الذي انقطع فيه خيط التواصل مابين براءة حلم يرنو من فتحات شبابيك الذكراة،ومابين توالي وتفاقم حالات الفقد والرصد والصد والظنون والهواجس التي اجتاحت على حين يقظة ووعي واقعي،يلزم بإدانة كل محصلات ومتواليات الموت في الخواطر التي تخاطرت وتخاطفت في شخوص ووجوه معرضه الأخير،والذي يكاد صفعة بوجه مجريات ما حصل من مُتغيرات (طوبغرافية)و(سيسيولوجية) وغيرها،من تلك التي غيّرت وعمّقّت من مسافات الجرح الذي أصاب قلب محافظته ديالى،جراء تعرضها اليومي الى دوام تصارع فوضى،وتفويضات تداخل وتناحر،ربما تكون أقوى وأفتك عن غيرها من مدن ومحافظات العراق في الآونة الأخيرة،ربما.
فزع الحلم ...قيامة الموت
هنا ... نصبو لأن نقف عند حدود حقيقة تشي بلّم تعميم دواعي و طبيعة الآراء والمداخلات التي تحيط بتجارب حية ومماثلة كتجربة (البهرزي) في أصل تتبع صدقية منابعها ونضوج ،وتوضيح مسالك وأبعاد توجهاتها الابداعية، دون مخاتلة أوضجيج لزعم ادعاء،فهي (أي تلك التجارب) تنتمي ظلال أرواحها وتتاخم صلاحية أحلامها حالمة وعمق تأملاتها نقيةً في تمرير مفاتن حتى أحزانها ونبل في تمجيد محافل الجمال واعلاء شأنه بسبل وخواص الفن النابع من ذخائر إنسانية خالصة،من تلك التي تبتكر لتزيد من مساحات الحُبّ وبث السعادة كدفاعات واستمالات قدريّة في تعزيز وحدة الكون،عبر تناميات لغة الجمال التي تنشدها مثل تلك التجارب حتى في أوج حالات شعورها بالتوجس الخوف والتوجس والتناقض النفسي بسبب تزايد احتكالات معادلات الموت جراء عسف وصلف الحرب وملحقاتها الشريرة،ولتبقى تلك الأعمال المهة تومض وتنبض رغم اشتداد كل حالات العتمة وانعدام الهدف والرؤيا،لتنتصر بروح نقاء دواخلها الروح الحيّة، في وهج احترامها للحياة ولنبع الذكريات التي تستحق،وللصور التي يصعب على الذكرة تغافلها أوتناسيها،بأي حال من الأحول،كما جاءت تبوح بأحلامها وأمنياتها ومويجات حنين ذكرياتها،تلك التي تماطرت شعراً ملوناً في ربوع معرض(وجوه وشبابيك)،مثلما تمواتت خوفاُ ورعباً وتوجساً في(خواطر...من زمن الموت)،بعد أن شاخت وتغضنّت تلك الوجوه وتورّمت وانزوت خلف أستار مخاوفها وإنحسار وتقلص فُرص الحلم بالطمأنينة،واتساع مغامرات واحتمالات الموت الذي بات معلناً،ومشرِعاً أبوابه على الدوام.
في خواطر من زمن الموت،اصطفى (مثنى) سماع أعماق صوته وهو يراجع ملفات أحلامه الساهيات على هدي ذكريات نابعة من أرض بِكر وخصبة،أضحت سبخةً وموتورة وغاضبة جراء جور وتمادي الإنسان نفسه،كما إنه تماهي في استحضار ملامح شخوصه وما يسكن أعماقهم من حيف وخوف ويأس،وليؤسس بعدها لابعاد دراميّة،ذات نهج ووهج تعبيري حريص على الإعتراف بقيمة الحَلم في حياة الإنسان،فكيف يمكن تكييف كل ذلك أمام جبروت قيامة الموت،وتصايح لغة العدوان والتباري بنيل الواحد من وجود
الآخر،وعلى هذا النحو الجنوني الذي وصلنا إليه؟ ذلك العالم الحاني-الغنائي والغني بروح التوادد والتسامح والمحبة،الذي بات يتنافق بتسريب الخوف ولواحقه بتدفق روح العداء على حساب تعميد الحياة بالجميل والنافع،لذا فاوض (مثنى البهرزي)على تقويم وترميم ذاته مما أصابها من تعب وخوف وقنوط من خلال الرسم بجدوى فاعليته في أن يكون مصدات وسواتر دفاع حقه،لا مجرد تلميح وتناغٍ هامشي يساير فعل الخواطر الآنية،دون أن ينحت موقفه الإنساني والجمالي والحضاري بما يجب أن تكون عليه حقائق وجواهر الأشياء،كالتي أستبسل فيها (البهرزي)كاشفاً عن مكامن محنة الموت حين يكون عادياُ ورخيصاُ كما هو حاصل-عندنا-الآن.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

التعديل الوزاري طي النسيان.. الكتل تقيد اياد السوداني والمحاصصة تمنع التغيير

حراك نيابي لإيقاف استقطاع 1% من رواتب الموظفين والمتقاعدين

إحباط محاولة لتفجير مقام السيدة زينب في سوريا

امريكا تستعد لاخلاء نحو 153 ألف شخص في لوس أنجلوس جراء الحرائق

التعادل ينهي "ديربي" القوة الجوية والطلبة

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

إندونيسي يتزوج 87 مرة انتقاماً لحبه الفاشل 

إندونيسي يتزوج 87 مرة انتقاماً لحبه الفاشل 

شباب كثر يمرون بتجارب حب وعشق فاشلة، لكن هذا الإندونيسي لم يكن حبه فاشلاً فقط بل زواجه أيضاً، حيث طلبت زوجته الأولى الطلاق بعد عامين فقط من الارتباط به. ولذلك قرر الانتقام بطريقته الخاصة....
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram