ألم اقل لكم أمس إن "ظل العالم هكذا متفرجاً ولم يزحف صوب الدواعش بكل ما يمتلك من ثقل عسكري وبشري، فسيجدهم قد أتوه بأنفسهم"؟ وها انتم ترون ما حدث بباريس بعد ساعات من نشر ما كتبت. عاد القارئ الفطن "علي المقهور" ليسألني بالنص "هل هي مصادفة ابا امجد ان يكون مقالك اليوم كاشفا عن الجبن (بضم الجيم وتسكين الباء) الفرنسي المهين امام الدواعش؟ مصادفة او استنباء او استقراء للعالم بشمولية؟". جوابي انه لا هذا ولا ذاك، انما هو واقع مكشوف يصيح لأمه وابيه وكل من لا يراه فهو أما اعمى بصر او بصيرة.
العالم يحارب داعش وكأنها هدف ثابت في المكان والزمان بينما هو في الحقيقة يمشي تحت الأرض وفوقها وفي السماء وما تحتها من بحار وهواء ورمال وجبال. أي مكان فيه رائحة للحياة او الإنسانية يثير إغراءه. السكاكين والأحزمة الناسفة تترصد كل بسمة وفرحة ورقصة واغنية. ولا خلاص للبشرية غير البحث عن شرايين الإرهاب في التاريخ وقلعها.
لا خلاص الا اذا خرج العالم كله لاقتلاع الإرهاب كله. قد يرى البعض ما أقوله أقرب لروايات الخيال العلمي منه الى الواقع. لكن الحقيقة هي هكذا. اما ان يخرج محبو الحياة صوب بؤر الإرهاب لسحقها أينما وجدت، او ليدفعوا الثمن وهم في مكانهم صاغرين.
الحل تعرفه فرنسا واميركا كما نعرفه نحن وكل اهل السماء والأرض: هذه الأدمغة المغسولة التي صارت تتغذى على الدم لا ينفع معها أي صبر او تبرير او مجاملة حتى ولو بكلمة واحدة . احرار العالم شرقا وغربا، ان هم أرادوا ديمومتها لهم ولأجيالهم القادمة، فليخرجوا بزحف عالمي حتى وان كان مشيا على الاقدام تحميهم الطائرات وتتقدمهم المدافع والدبابات. وحينما يصلون أي شبر يشي بإمكانية ان ينبت به داعشي ينبشونه ليسحقوا بذرة التطرف التي فيه ويغرسون بدلها اغنية او رقصة او ابتسامة او وردة. حتى الرايات يجب ان تتغير كلها لتحل محلها راية واحدة بلون الحب وقد كتب عليها "هنا الحياة مقدسة".
ان كان لفرنسا عقل فهذا وقته. والعقل السليم ليس في الجسم السليم، كما يقال، بل في القرار الشجاع. والشجاع من يقلب المحنة منحة والا سيظل جبانا. أكرر ان العالم يعرف الحل. نعم انه قد يكون صعبا او قاسيا لكنه ليس أصعب من ان يفارق حياته بالتقسيط.
لا بدّ مما ليس منه بدّ
[post-views]
نشر في: 14 نوفمبر, 2015: 09:01 م