بين أنْ نصدّق برواية إنَّ القاعدة وداعش صناعة أميركية – أوربية، وبين تكذيبنا لذلك تقف الأعمال الارهابية التي يقوم بها هؤلاء دليلاً مفزعاً، وحجة دامغة علينا، لكننا ساعة نعود لكتبنا المقدسة وأدبياتنا نجد أن الرواية ضعيفة، وإننا مجتمعات قابلة لإنبات النبتة هذه، تتحمل ثقافة الأثر الديني فيها مسؤولية انتاج مثل هكذا أفكار، وهي من تتحمل وزر النتائج المرعبة التي تحدث في عالمنا العربي، الاسلامي ومن ثم في العالم.
أعود ثانية لما أسمعه في خطبة إمام الحرم المكّي وهو يلعن ويدعو الله للأخذ بنواصي اليهود والنصارى والرافضة، ثم أتيقن عن قرب من أن دعواه هذه تتكرر سنوياً وفي خطب كل صلاة جامعة بشكل وبآخر على طول العالم الاسلامي فأسأل نفسي عن مدى تأثير ذلك في نفوس ويقين المصلين خلف هؤلاء الخطباء، لأجد التبرير الكامل في إقدام الحكومة الفرنسية على غلق جميع المساجد الإسلامية في فرنسا، ولن تجد بقية الدول الأوربية الحرج في غلق المساجد في مدنها لأن التهديد قائم والخطر محدق، ومتوقع في أي لحظة.
دخلتُ بعض المدن الاوربية(روما ولندن وباريس) وتيقنت بحاجتهم المستمرة إلى الوافدين من مشرقنا العربي ومن بلدان أخرى، فالشعوب هناك تشيخ حقاً، وقد فوجئت بعديد الملونين في شارع أكسفورد ستي بلندن، ومثل ذلك وجدته في مدن فرنسا، مرسيليا تحديداً، وواضح أن الأمر لا يختلف عن ذلك في أي دولة أخرى مثل السويد وهولندا وبلجيكا والنرويج.. ولأن الشرق العربي قادر على تزويد العالم بالطاقة البشرية، فالناس هنا تعمل على وفق الحديث الشريف(... إني مباه بكم الأمم) ولعمري هو حديث جميل، أصحّت روايته ام لم تصح. ذلك لأن مَلءْ الأرض بالأسوياء من البشر من أعمال الخير، والتي تدعو إلى المباهاة، ومفهوم المباهاة هذا يكمل حين نعثر على صورة الخير لدى الانسان المسلم. ترى هل تحققت الصورة بفعل التفجيرات الأخيرة، والتي أزهقت ارواح الـفرنسيين الأبرياء؟ أم أنها دخلت معانيها القبيحة؟
ترى، لماذا يجد هؤلاء القتلة في السوق الشعبية الشيعية بمدينة الصدر أو في الضاحية ببيروت مادة لتفريغ بغضائهم وكراهيتهم؟. ولماذا قاعة الموسيقى والمسرح والسينما والنادي الليلي والساحل البحري الجميل مقصداً من مقاصدهم؟. لماذا يفزعهم مشهد المرأة الجميلة في السوق وفي الحديقة العامة؟ ترى كيف يجمع هؤلاء بين حليّة قتل الشيعة السائرين إلى كربلاء وبين الراقصين على المسرح والمستمتعين بأنغام الموسيقى في فرنسا، وهل هم من يباهي بهم الأمم، النبي محمد ،الذي أحرق الفرنسيون قرآنه أمس؟
لا أريد أن أجعل من الناس ملائكة هناك، فالبشر في الأرض جميعها مختلفون عن بعضهم، فيهم الحسن والقبيح، لكنني وجدتُ أنَّ الانسان هناك، على قدر رفيع من الانسانية، والحياة بفرصها المتعددة متاحة للجميع، ثم أنهم وبحكم جملة القوانين وتجديدها على وفق تطور وتقدم المجتمع، وبفعل تراكم الخبرة في ممارسة الديمقراطية تمكنوا من تحصين إنسانهم من أمراض العنصرية والحزبية والدينية والطائفية التي أصبح متعاطيها لديهم عرضة للتجريم والمساءلة القانونية، كذلك فأن قضية الدين والتدين قضية شخصية بحكم معظم السنن والتشريعات القديمة والجديدة. ترى لماذا يريد هؤلاء فرض معتقدهم على الناس هنا؟ ولا أظنني مستبعداً فكرة الموضوع الرئيسية والتي نقول فيها بأن داعش والقاعدة صناعة أميركية قبل أن تكون مشفوعة بنصوص إسلامية.
نعم، في نصوصنا الاسلامية ما يدعم ظهور مثل هكذا جماعات ارهابية، وأن جملة القوانين والتشريعات في المنطقة جعلت من ذلك قضية مطلقة ومتاحة، إن لم نقل مشرعنة. ولا أجد أن القضية سنية حسب إنما نجد في تشريعات الشيعة ما يماثلها بالنص. ترى أما آن الأوان لكي نفكر بما يمكننا من العيش أسوياء في المجتمع العالمي، ألم يئن لأنهار الدم أن تتوقف؟ وها نحن نجد أن الناس لدينا باتوا يجدون في أفعال الجنس والعري والتفسخ وحياة النوادي والملاهي والبلاجات في أوربا أهون عليهم وأكثر أمنا لهم من الحياة تحت المنارة وفي باحة المسجد. ما الذي يجري ؟ أما انتهت اللعبة بعد، أم أن مشايخنا ما زالوا يرون في ذلك إذلالا لهؤلاء (الكفرة) وانتصارا ومباهاة لنا ؟
الإرهاب صناعة اميركية، ام نبتة اسلامية ؟
[post-views]
نشر في: 17 نوفمبر, 2015: 09:01 م
انضم الى المحادثة
يحدث الآن
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...
جميع التعليقات 2
ابو سجاد
اذن المشكلة هي في تفسير القران لان القران حمال اوجه كما قال الامام علي ع وكل فصيل من المسلمين له تفسيره الخاص للنص القرئاني وهذه هي ام المشاكل واعتقد انه اعقد مما تجد لها حلا كيف تستطيع ان تقنع الجميع على ان يتفقوا على تفسير واحد للنص وعليه سنبقى الى
ابو سجاد
اذن المشكلة هي في تفسير القران لان القران حمال اوجه كما قال الامام علي ع وكل فصيل من المسلمين له تفسيره الخاص للنص القرئاني وهذه هي ام المشاكل واعتقد انه اعقد مما تجد لها حلا كيف تستطيع ان تقنع الجميع على ان يتفقوا على تفسير واحد للنص وعليه سنبقى الى