"هو هسياو هسين" Hou Hsiao-Hsien يكافح من أجل الواقعية لا السحرية. وذلك هو السبب في فوزه هذه السنة كأحسن مخرج عن فيلم "القاتلة The Assassin" في عودة إلى تايوان إذ إن هذا المخرج الماهر صنع أفلاماً لأكثر من ثلاثة عقود ((سيد الدمى ومدينة الحزن وميلينيوم
"هو هسياو هسين" Hou Hsiao-Hsien يكافح من أجل الواقعية لا السحرية. وذلك هو السبب في فوزه هذه السنة كأحسن مخرج عن فيلم "القاتلة The Assassin" في عودة إلى تايوان إذ إن هذا المخرج الماهر صنع أفلاماً لأكثر من ثلاثة عقود ((سيد الدمى ومدينة الحزن وميلينيوم مامبو، طيران إلى البالون الأحمر).
الفيلم الذي مولته الصين تحمّل عقودا من التطور والإنتاج المتوقف والمستمر قبل أن يصبح الفيلم السابع لـ"هو" الذي ينافس في مهرجان كان. وهو يختلف عن أفلامه الدرامية الحالية بضمنها " لا بل إيبوك" إذ أنّ هذه الملحمة الفنية الحربية ذات القياس المتواضع تظهر لوحة "هو" على قماشة أكبر لكن بالملاقط الصغيرة.
تمثل في الفيلم "شو كي" كمحاربة محترمة أثناء القرن التاسع عشر في عهد سلالة تانغ بالصين. فتاة عمرها 10 سنوات ابنة جنرال تخطفها راهبة لتحولها إلى قاتلة تجيد الفنون الحربية بكفاءة كي تفضي على الحكام الفاسدين. وبعد أن تفشل في الاختبار، كما في المقدمة المصنوعة بالأبيض والأسود، ترجع إلى وطنها مع أوامر بقتل ابن عمها، وخطيبها المنتظر الذي يحكم الآن أكبر منطقة عسكرية في شمال الصين.
هذا الفيلم بعيد عن عوالم "زانغ ييمو" (صاحب أفلام "بطل" و"بيت الخناجر الطائرة") أو ربما عن فيلم "النمر الرابض" لأنج لي إذ يطير الناس في الهواء وهم يقترفون أعمالاً فنتازية كما يوضح المخرج "هو". إنه ينزل بفيلم "القاتلة" إلى أرض الواقع – إذ العواطف الممزوجة والعوالم الحقيقية لبطلته. إنه جمال مرتجف بوحي من "وكسيا"- مع لقطات وامضة من الضباب والعشاق السريين خلف الستائر الشفافة التي تنيرها الشموع والألواح الأرضية ذات الصرير والجروف الغائرة التي تنفتح على التجاويف المؤلمة – مع انطباعات بغرابة فرويدية للتملص والهروب في الأحلام.
*عملت مدة طويلة مع مدير تصويرك "مارك لي". كيف تصورون مشهداً معاً وبالأخص المشهد الذي فيه حركة كما في فيلم "القاتلة"؟
- عملنا معاً لفترة طويلة جداً لأننا لدينا كيمياء جيدة جداً وألفة حميمة جداً. أحدنا يعلم ماذا يريد الآخر. لذا حين نصور مشهداً وبالأخص حين يقوم مصمم المناظر هوانغ ون ينغ بوضع كل شيء معاً، وما أن يكون الديكور جاهزاً سوف يظهر مارك ويفكر بالضبط من أية زاوية يريد أن يصور، سوف يضع المنصة ذات العجلات ويضيء المشهد. أحياناً يفعل ذلك لوحده دون أن يتكلم معي إذ كل منا يقرأ ذهن الآخر لأن تلك هي الطريقة التي نعمل بها.
*ثمة مستوى من الهوس بتفصيل مدهش لفترة معينة في الفيلم. الحرير، الجدران، الستائر والأزياء المزخرفة: كل غرفة مدهشة. كيف تسنى لك ولمصمم المناظر أن تحققا ذلك؟
- هناك مستوى مضن جداً من البحث في خلق تصميم المناظر. المصمم قام ببحث كبير وفي الوقت نفسه عرفنا بأن الحرير كان مادة شعبية جداً ونتاجاً صناعياً في ذلك الوقت؛ الكثير من الأشياء مثل الستائر كانت مصنوعة من الحرير. ذهبنا في طريقنا إلى الهند وكوريا كي نبحث عن نوع نادر جداً من الحرير كي يجري توظيفه في الفيلم. بالنسبة للأثاث والمناظر فإن المنتوجات الصناعية تشكل أحداثاً بنائية.
هناك نجار خصوصي عملنا معه لفترة طويلة؛ الحرير يعكس الضوء بطريقة خاصة جداً. في زمن سلالة تانغ كانت الإضاءة بالشموع هي السائدة لذا نحتاج إلى مادة ربما تكون أكثر انعكاسية وهذا شيء تعلمته خلال صنعي فيلم "زهور شانغهاي" حين كنا نجرب القناديل الزيتية. هذه المرة، الانعكاس الذي يصنعه الحرير في ضوء الشموع كان في غاية الجمال. مساعدي وأنا مشينا عبر الموقع ووضعنا تقييماتنا وجاء مارك ووضع السكة وما أن سارت الأمور على ما يرام حتى بدأنا بالتصوير.
*حبكة الفيلم ظلت لغزاً، لكن لا يوجد فضاء مبدد أو زائد، كل مشهد له معنى. أفهم أنك صورت 450000 قدم من الفيلم وثمة الكثير من القطْع، لماذا ومتى قررت القطْع؟
- هناك العديد من الأسباب، يدور الفيلم في عهد سلالة يانغ لذا أردت أن يكون أميناً لتلك الفترة؛ الطريقة التي يظهر بها الممثلون أنفسهم كان يجب أن تكون واقعية جداً؛ لم أعمل تجارب. أحب التلقائية. وتلك الطريقة نفسها تحتاج إلى فترة طويلة جداً. بالنسبة لمشاهد الحركة، هذه هي المرة الأولى التي أصنعها والممثلون ليسوا من المقاتلين المحترفين أو الفنانين الحربيين ولذا تطلب الأمر الكثير من اللقطات. فلسفتي الرئيسة أني لا أرغب أن أفعل شيئاً يخرق الجاذبية. لا أريد اناسا يطيرون وهم يفعلون أموراً فنتازية. أحب الواقعية. أريد الناس ملتصقين بالأرض، إذا جاز التعبير. بالنسبة للفعل (أكشن) فهو مهم لذلك كي يكون صحيحاً وعضوياً وطبيعياً.
*كيف كان استقبال فيلم "القاتلة" في تايوان؟ هل أصيب الجمهور بالمفاجأة لصناعة الفيلم الذي توجهه الحركة؟
- ما شاهده الجمهور أخيرا كان مختلفاً عما تصوروه أو أدركوه مسبقاً. من الصعب لأغلب المشاهدين في تايوان أن يفهموا فيلماً مثل هذا. إن الجمهور الذي يحب الأفلام الفنية هو الذي يفهمه. بالنسبة للمشاهد العادي هناك فجوة ومسافة بينه وبين الفيلم. هذه حقيقة تايوان إذ اعتاد الناس على صناعة الفيلم الهوليودي والبناء السردي. مؤسسة الصورة المتحركة المركزية التي هي الممول لفيلمي، لأني فزت كأحسن مخرج في "كان"، وظفوا ذلك من أجل الشهرة.
في تايوان 89 شاشة. عرض الفيلم في 84 شاشة وذلك عدد كبير. أظن أن ذلك جنون. بالنسبة إلى الترويج لم يضمن تلك الشاشات الكثيرة. من المحتمل أن العديد من الجمهور يحتاج إلى أن يراه مرتين أو ثلاث كي يفهموه، وذلك ما كانت المؤسسة تأمل به بأن الناس سوف يعودون ليشاهدوا الفيلم عدة مرات. لكن حقيقة الأمر أنه يتوجب عليك أن تدفع لترى الأفلام، يحتاج إلى الأمر إلى مال كي ترى الفيلم مرة بعد أخرى.