إني لأرى داعش قد حان حينه وبات فناؤه امرا في حكم المطلق. ليش؟ لأن أوربا صحت على نفسها مؤخرا. وصحوة أوربا تعني صحوة العقل الإنساني. وكيف لا تكون كذلك وهي قارة العقل بإمتياز.
العقل عندما يجد نفسه قد غفا في لحظة، ما كان يجب عليه ان يغفو فيها، لا ينتقم، بل يبدأ بمحاسبة نفسه ثم ينطلق. الذين فجروا باريس هم في الأصل غرباء عنها وعن أوربا. اغلبهم ولد من عوائل قصدت دار الإنسانية هربا من الجوع والقهر والفقر. لم ينتقم الفرنسيون كشعب من هؤلاء الذين كفروا بنعمتهم وتفلوا بمواعينهم. لم يفعلوها لا لأنهم أبناء عشائر او يخافون الله بل لأنهم يملكون عقلا نظيفا. والعقل النظيف ينتج ضميرا متزنا.
لو كان هؤلاء الغرباء انتقلوا من مدينة عربية الى أخرى في نفس بلدهم بدافع البحث عن لقمة عيش ونشنشوا. ثم بعد سنوات يخرج منهم طائشون يفعلون بالمدينة التي آوتهم مثل الذي فعله الإرهابيون ذوو الجذور العربية والإسلامية بباريس، فما الذي كان سيفعله بهم وبأهلهم أبناء المدينة المنكوبة؟ كم بيتا سيحرقون وامرأة سيغتصبون وطفلا سيقتلون واماً سيثكلون؟ لم يفعل الفرنسيون ذلك بل اكتفوا بطش الزهور في مسارح الجرائم مواساة للذين قتلوا دون ذنب.
في استفتاء شعبي وافق 84% من الفرنسيين على التضحية بحرياتهم الشخصية ان كانت لن تنفعهم في الحفاظ على حياتهم وحياة اجيالهم القادمة. يا ألف سلام على عقولكم الراقية وضمائركم الصاحية أيها الفرنسيون.
سلاما يا باريس المجروحة. وسلام على كل فرنسي لم يستل سيفه لينتقم من جاره العربي المسلم بحجة ان أبناء قومه ودينه الذين عبروا البحار والصحاري قد حرقوا باريس ولطخوا وجهها الحر الجميل بالدم.
سلاما على العقل الأوربي الذي لم يكتف باللطم والبكاء على قتلاه بل انتفض ليعلنها نهضة اوربية جديدة ستسارع في تحقيق حلمين:
الأول ان تعود الحياة خضراء غنّاء لا نبض فيها لهمجي معتوه وقاتل مكروه. اما الثاني فهو
تحقيق حلم الدواعش بإرسالهم بأسرع الطرق واقصرها صوب الحور العين والغلمان المخلدين الذين ينتظرونهم في جنتهم الموعودة.
سلاما يا باريس
[post-views]
نشر في: 20 نوفمبر, 2015: 09:01 م