اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > صدام والسنة والميليشيات

صدام والسنة والميليشيات

نشر في: 21 نوفمبر, 2015: 09:01 م

كنت اتحدث عن الايزيديين بمناسبة تحرير سنجار، حين صار انخرط الشباب في جدل: لمن ستكون سنجار، لبغداد ام لاربيل؟ فطرحت السؤال التالي: الايزيدي تعرض الى القتل في بغداد مرارا، بسبب تجارة الكحول مثلا، و"الاقوياء" في بغداد لم يمنحوه اماناً رغم انه كان يعمل طبق القانون، وينبغي لنا كأكثرية مسلمة ان نسأل: هل سيكون نظامنا الثقافي بعد مأساة سنجار، متسامحا مع الايزيدي، كي نقنعه بأن يبقى مع بغداد ولا يذهب مع اربيل التي ضمنت له حقوقه الثقافية والتجارية وتفوقت علينا في ذلك؟ كيف نقتل الايزيدي بسبب قنينة خمر ثم نبكي على عائدية بلدته سنجار وهو الذي تعرض الى صدمة في كرامته بسبب اجرام داعش؟
وبدل ان نناقش هذه الاسئلة، بدأ القراء الشيعة (ليس جميعهم طبعا) بمهاجمتي، لانهم افترضوا انني ألقي باللوم على المسلحين الشيعة في مقتل الايزيديين في بغداد. وبدأ بعض القراء السنة بتأييدي للسبب نفسه، كي يبدو اضطهاد الاقليات شيعيا، وانحرف الموضوع بأكمله كالعادة، ونسينا الاقليات الدينية ورحنا ننهمك كمسلمين في لعن بعضنا.
بعدها طرحت سؤالا على القراء السنة: كيف تريدون ان تنجح محاولات التصالح الاجتماعي، ويجري تقييد المتشددين الشيعة لصالح تيار معتدل، وانتم تستخدمون عبارات انفعالية غير دقيقة في وصف تعميمي لخصومكم مثل: صفويين، شروگية، مجوس..الخ. ففي النهاية يقوم التشدد السني بمساعدة التشدد الشيعي وتقديم خدمة اليه وتضخيم مبررات الصراع الاجتماعي، والعكس صحيح ايضا لان تشدد بعض الاجنحة الشيعية وسياسات نوري المالكي ورفض الحوار والتنازلات المشروعة، ساعد على انتشار داعش واخواتها.
وفي نهاية سجال بلا نهاية وجدت نفسي مرفوضا من طيف شيعي وواسع، وطيف سني واسع، (لاني لهلي، ولاني لحبيبي)!
وفي الحقيقة فان هذا حال معظم التيار الوسطي العراقي، الذي بدأ يشعر باغتراب شديد احيانا وسط امواج التشدد العاتية وصعود خطاب الكراهية عبر الشرق الاوسط، فكثير من الجمهور ينحاز لما اكتب حين اقوم بانتقاد تشدد الجماعات الشيعية، لكنه لا يصدقني حين اتحدث بالبراهين عن جهود مهمة لتيار معتدل في النجف وبغداد. وهؤلاء انفسهم يغضبون حين اقوم بانتقاد صدام حسين واعتبره عقلا انفعاليا لا سياسيا، يعتمد الكراهية والحرب في تخريب فرص السياسة المعقولة، وقد نجح صدام في ترسيخ هذا النهج والنظام بحيث نرى اليوم بوضوح شبها كبيرا في نهج الكراهية ورفض الحوار، بين صدام والعديد من المتشددين الشيعة، قبل متشددي السنة والكرد وباقي الاطراف، اي ان سياسة التشدد وسياسة الحرب هي امر متطابق مع نهج صدام حسين نفسه، ولذلك فان التصحيح يبدأ بالانتقال الى نهج الايمان بالحوار والتصالح مع الدنيا من حولنا وبناء الثقة الصحيحة، والقدرة على إسكات الحمقى ودعم الاصوات المتعقلة.
لكن هذا احيانا، يشبه ان اطلب من شخص نيكاراغوي ان يفهم سورة التوبة، ولذلك يعلو صوت البنادق التي لن تخرس الا حين نفهم معنى استعادة هيبة العقل في الاجتماع والسياسة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 4

  1. ابو سجاد

    اين هو التيار المعتدل ياسيدي ولماذا لايظهر على السطح هل هو خائف ام ليس له ثقلا على الساحة العراقية

  2. عبدال

    رغم ضرورة المصالحه. لكنها غير ممكنة لان الاراده الاقليميه. سابقه ع المحلية كلمه شروكيه عند البغاده لم تصبح ذات بعد سياسي او طائفي الا لاحقاً كرد فعل وليست فعل. واستعمالها سابقا كان يعني السلوك الم

  3. ابو سجاد

    اين هو التيار المعتدل ياسيدي ولماذا لايظهر على السطح هل هو خائف ام ليس له ثقلا على الساحة العراقية

  4. عبدال

    رغم ضرورة المصالحه. لكنها غير ممكنة لان الاراده الاقليميه. سابقه ع المحلية كلمه شروكيه عند البغاده لم تصبح ذات بعد سياسي او طائفي الا لاحقاً كرد فعل وليست فعل. واستعمالها سابقا كان يعني السلوك الم

يحدث الآن

العراق الثاني عربياً باستيراد الشاي الهندي

ريال مدريد يجدد عقد مودريتش بعد تخفيض راتبه

العثور على جرة أثرية يعود تاريخها لعصور قديمة في السليمانية

"وسط إهمال حكومي".. الأنبار تفتقر إلى المسارح الفنية

تحذيرات من ممارسة شائعة تضر بالاطفال

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: العميل "كوديا"

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

 علي حسين ما زلت أتذكر المرة الأولى التي سمعت فيها اسم فولتير.. ففي المتوسطة كان أستاذ لنا يهوى الفلسفة، يخصص جزءاً من درس اللغة العربية للحديث عن هوايته هذه ، وأتذكر أن أستاذي...
علي حسين

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (1-2)عطلة نهاية العام نقضيها عادة في بيت خوالي في بغداد. عام ١٩٥٨ كنا نسكن ملحقاً في معمل خياطة قمصان (أيرمن) في منتصف شارع النواب في الكاظمية. أسرّتنا فرشت في الحديقة في حر...
زهير الجزائري

دائماً محنة البطل

ياسين طه حافظ هذه سطور ملأى بأكثر مما تظهره.قلت اعيدها لنقرأها جميعاً مرة ثانية وربما ثالثة او اكثر. السطور لنيتشه وفي عمله الفخم "هكذا تكلم زارادشت" او هكذا تكلم زارا.لسنا معنيين الان بصفة نيتشه...
ياسين طه حافظ

آفاق علاقات إيران مع دول الجوار في عهد الرئيس الجديد مسعود پزشكیان

د. فالح الحمراني يدور نقاش حيوي في إيران، حول أولويات السياسة الخارجية للرئيس المنتخب مسعود بيزشكيان، الذي ألحق في الجولة الثانية من الانتخابات هزيمة "غير متوقعة"، بحسب بوابة "الدبلوماسية الإيرانية" على الإنترنت. والواقع أنه...
د. فالح الحمراني
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram