العطاء دون انتظار مُقابل ، هي صفةُ العظماء أولئك الذين بإمكانهم افناء سنواتٍ من أعمارهم أو عُمرٌ بأكمله فقط من أجل خلق مجتمعٍ واعٍ فيصلهُ الحقيقي هو الإنسانية ، وحاكمه الأكبر هو الضمير . ويبقى هُنا دور التأريخ لإنصاف أولئك الشخوص فهل ياتُرى للتأيخ يد

العطاء دون انتظار مُقابل ، هي صفةُ العظماء أولئك الذين بإمكانهم افناء سنواتٍ من أعمارهم أو عُمرٌ بأكمله فقط من أجل خلق مجتمعٍ واعٍ فيصلهُ الحقيقي هو الإنسانية ، وحاكمه الأكبر هو الضمير . ويبقى هُنا دور التأريخ لإنصاف أولئك الشخوص فهل ياتُرى للتأيخ يدٌّ أحياناً بظلمهم أم انهُ ذنب من كتبوا التأريخ ؟ .
ميخائيل عواد كان واحداً من أكثر الأشخاص عطاءً للعراق ، ذلك الرجُل الذي اتصف بتصوفهِ الفكري وتناسى ديانتهُ فكان بحق رمزاً عراقياً أصيلاً ، حمل بين طيات أفكارهِ وسيرتهِ وذاكرته حضارة العراق وتأريخه ولغته فكان أكبر موسوعة عراقية ، قد يكون التأريخ أو الوطن أو الأقدار هي من ظلم سيرة عواد أو كانت سبباً في تجاهُلها.
وفي محاولةٍ للمدى للبحث في سيرة ميخائيل عواد عرجنا نحو ذاكرتهِ ومسحنا الغُبار عنها لِنجد كُل ما يتعلق بعواد بين كُتب مكتبته وأثاثها ، ومُقتنياتهِ وأشيائه الراقدة في زواياها .
يقول مدير المركز الثقافي البغدادي طالب عيسى :" تمت حيازة مكتبة الموسوعي العراقي ميخائيل عواد من قِبل الإدارة السابقة للمركز الثقافي البغدادي بإدارة الأستاذ محمود عبد الجبار عاشور ، إلا انها لم تشهد حفل افتتاح آنذاك ، هذا ما يدفعنا اليوم لمحاولة تسليط الضوء على الموسوعي ميخائيل عواد وعلماء اخرين من خلال حفل استذكاري سيُقام كل يوم جمعة في بناية المركز منذ مطلع العام المُقبل ، وحيث إن هُنالك 82 عمودا في المركز فسيكون كل عمود باسم عالم من خيرة علماء العراق . "
وأضاف عيسى قائلاً :"إن أهم ما تحتويه مكتبة عواد هو (المسبحة ،مفتاح سيارته، محرار،منضدة ،كافة اثاث المكتبة ، وأيقونة صغيرة تمثل السيد المسيح، وتمثال صغير خشبي لرجل كردي يرتدي الزي الخاص به.) إضافة الى أهم كُتب ومؤلفات عواد التي تختلف بين اللغة والتأريخ والمسرح والحضارة ، إلا ان أغلب أنواع كُتب عواد مختصة باللغة فمكتبة عواد هي مكتبة لغوية بحتة ."
وأشار عيسى قائلاً : "إن أغلب الكُتب الموجودة في مكتبة عواد هي باللغة السيريالية وصدرت عن المجمع العلمي العراقي ، وشملت العديد من الموضوعات بين العلوم والأدب والفن واللغة والتأريخ ، وقد تُرجم البعض منها كما كُتب حول بعضها بعض المقالات التي تتحدث عن هذه الكُتب , كما انه اهتم بفهرسة الكُتب ودراستها ولديه كتاب بثلاثة أجزاء بعنوان "مخطوطات المجمع العلمي العراقي" ولهُ ابحاث ترجمت إلى الانكليزية والالماني والروسي وأدخلت لجنة الروائع العالمية في اليونسكو بحثه الكبير "في رسوم دار الخلافة" ضمن روائع الادب المنتخب عالمياً . "
وأكد عيسى : "يُمثل عواد مدرسة العلّامة العراقي انستاس الكرملي , كما انهُ توصل للعديد من البحوث والتحقيقات حول ان العرب اول من استخدم جوازات السفر من خلال بحوث وقراءات ، وان العرب أول من عرف الطب العدلي ، وطرق توزيع المنشورات ، وهم أول من اخترع لغة الكتابة وهم اول من لعب كرة القدم واول من استخدم معجون الاسنان . "
ولفت عيسى قائلاً :"إن لدى عواد العديد من الكُتب المُهداة من قِبل العديد من المؤلفين أمثال أحمد سوسة ، ومحمد حسن آل ياسين ، وأحمد عبد السلام ، كما كانت لعواد علاقة مهمة مع المستشرقين الذين كان يراسلهم ويتبادل معهم كُتبه أمثال عبد الكريم جرمانس من المجر ، والذي كان يكتب لعواد بلغة عربية جميلة وكان من المتابعين له ، والمستشرقة ماري الشيمل أستاذة الدراسات الاسلامية في جامعة بون ، والبروفسور برنارد لويس في الولايات المتحدة الأمريكية والكثير من المستشرقين من روسيا وغيرها . "
كما ذكر عيسى "ان أهم من كتب عن عواد هو الاستاذ حميد المطبعي الذي كتب عن سيرته وترجم له الكتب في عام 1979 حيث أصبح عضوا في المجمع العلمي العراقي وانتخب من ضمن لجنة معجم الادب السريالي ولجنة اللغة والتراث وعني بدراسة اكثر من الف مخطوط بين كتاب ورسالة وصدرت الدراسة فيه بثلاث مجلدات بين 81 و 83 ، لم يحصل على الشهرة الكافية لأنه كان باحثا ودارسا إلا إن هنالك من سبقه بذلك المجال لذلك يمكن اعتباره موسوعة عراقية كبيرة . "
يُذكر إن اسم ميخائيل عواد يعود إلى ان والدهُ امتهن صناعة العود حيث صنع أكثر من 316 آلة عود إضافة إلى انه كان متخصصا في حرفة الخط العربي , ولهُ أخ أصغر تخصص أيضاً في البحوث واللغة والأدب وهو كوركيس عواد ، وقد تقلد ميخائيل عواد عدة مناصب منها انه عضو في المجمع العلمي العراقي وعضو في مجمع اللغة السريانية في بغداد وعضو مؤازر في مجمع اللغة العربية الأردني ، وقد عمل عدة سنوات في سلك التعليم ثم أصبح مدير المكتب الخاص لوزير المعارف عام 1944 وتقاعد عام 1970 ليتفرغ الى الأبحاث واللغة والعلوم ، ولديه العديد من المؤلفات منها :صور مشرقة من حضارة بغداد في العصر العباسي ، دير فُنى موطن الوزراء والكتاب ، المآصر (يؤصر به السفن والسابلة ليؤخذ منهم الغزو او لمنعهم من احتلال البلد)في بلاد الروم والاسلام 1948 ، وغيرها الكثير.