بصرف النظر عن التهمة الموجهة الى المهندس في صحة محافظة ديالى الشاعر ابراهيم البهرزي ،واصدار حكم بسجنه سنة واحدة ، ابدى اصدقاؤه ومعارفه تعاطفهم مع محنة الشاعر لاعتقادهم بان البهرزي يمكن ان يكون ضحية ، استنادا الى حقيقة ان تاريخ الرجل الشخصي والمهني لم يشهد مخالفات باستثناء ارتفاع صوته الشعري ضد ممارسات السلطة ، ليعبر عن اصطفافه مع قضايا شعبه وتطلعاته نحو الحرية وتحقيق النظام الديمقراطي ، لكنه اصيب بخيبة أمل كبيرة لازمته حتى الوقت الحاضر ، فجسدها في روايته "لاحصان في طروادة " .
الوصفة الوحيدة للعراقيين للتخلص من ملاحقة الخيبة غسل الذاكرة بكل ما تحمل من تفاصيل ، لكن السؤال ماهي وسائل الغسل والتخلص من ركام الماضي ولوعة الحاضر ، هل بزيارة عيادة طبيب نفساني بمستوى المرحوم جاكي عبود، ام بتناول اقراص الكبسلة للانتقال الى "عالم آخر" عنوان عمود الزميل سرمد الطائي في اخيرة المدى ، الخيار الوحيد لغسل الذاكرة الابتعاد عن متابعة اخبار الفضائيات العراقية ، مع فرض حظر داخل العائلة يمنع افرادها من مشاهدة نشرات الاخبار المسائية .
من فوائد غسل الذاكرة التخلص من احداث ووقائع سابقة كانت سببا في اعتقال وملاحقة من عاشها ودفع ثمنها الباهظ ، ومن فوائد الغسل ايضا الغاء العلاقة باشخاص فرضوا حضورهم بحكم القرابة من الدرجة الاولى الى الرابعة فهؤلاء بغسلة واحدة . في عالم متحضر كان الشاعر البهرزي يحلم بتحقيق جزء قليل منه في الجغرافية العراقية، تسخر الدول لشعوبها فرص الراحة والاسترخاء ، نشراتها الاخبارية المسائية ، تعلن عن تنظيم سفرات سياحية بالتسقيط المريح ، اما نشرات الاخبار العراقية فهي مبعث قلق واثارة مخاوف ، حين يلوح زعيم سياسي بإصدار أوامر لجناحه العسكري بالنزول الى الشارع ، احتجاجا على موقف حكومي أثار استياء الزعيم .
العراقي اليوم بعد ان وصل الى قناعة أكيدة بان العملية السياسية وصلت الى طريق مسدود ، لا تنقذها حزم العبادي الاصلاحية ودعوات المرجعية الدينية ، وتظاهرات المحتجين ، سيلجأ الى خيار غسل الذاكرة على غرار غسل المعدة للتخلص من بكتريا قد تؤدي الى الموت ، لكنه بحاجة الى مساعدة حكومية تساعده على التخلص من تصريحات قادة سياسيين" وأحدهم خنجره بحزامه" على استعداد لقلب الطاولة على الفرقاء والشركاء حين تصل النار الى ذيل مكاسبه المتحققة بصفقات المحاصصة .
النخب السياسية الحالية المشاركة في الحكومة ، تعتقد بانها جعلت قواعدها الشعبية تعيش الافراح والمسرات ، فتجاهلت حقيقة برزت عبر اندلاع تظاهرات احتجاجية منذ نهاية تموز الماضي تطالب باجراء إصلاحات سياسية واقتصادية وقضائية ، ربما في الأيام المقبلة سيرفع المحتجون في تظاهراتهم شعار المطالبة بغسل الذاكرة ،للخلاص من واقع مؤلم ، لطالما تناوله الشاعر إبراهيم البهرزي بقصائده .
إبراهيم البهرزي : إغسلوا الذاكرة
[post-views]
نشر في: 22 نوفمبر, 2015: 09:01 م