صدرت بالانكليزية حديثاً للكاتب الصربي سفاتيسلاف باسارا Svetislav Basara رواية ( مؤامرة راكبي الدراجات )، المنشورة أصلاً في صربيا عام 1988. وباسارا واحد من أبرع كتّاب صربيا، وقد نشر أكثر من عشرين رواية، وثلاث عشرة مجموعة قصصية، وعمل سفيراً لصربيا في ق

صدرت بالانكليزية حديثاً للكاتب الصربي سفاتيسلاف باسارا Svetislav Basara رواية ( مؤامرة راكبي الدراجات )، المنشورة أصلاً في صربيا عام 1988. وباسارا واحد من أبرع كتّاب صربيا، وقد نشر أكثر من عشرين رواية، وثلاث عشرة مجموعة قصصية، وعمل سفيراً لصربيا في قبرص. وتتبّع الرواية التاريخ المزعوم لـ " راكبي الدراجات الإنجيليين Evangelical Bicyclists " من جمعية الصليب الوردي في "تقويم ضخم" مكون من وثائق سرية، ومراسلات بين شخصيات تاريخية شهيرة، وشعر، ورسوم معمارية.
و "راكبو الدراجات الإنجيليون" نظام صوفي غير تقليدي سري ينتقل عبر أحلام الأعضاء لإنجاز ثلاثة أهداف : تدمير كل الأنظمة، والبنى، والرموز التي تخفف من الاتصال المباشر بالله، مانعاً إقامة برج بابل وانبعاث الكنيسة البيزنطية. وهو نظام داخل [ جماعة الصليب الوردي التي أُنشـئت وعرفت بالقرن السابع عشر، مقصورٌ على فئة معينة من الناس الغربيين، ويعتبر هذا النظام المحكم وفقاً للعديد من أعضائه القدماء والجدد مدرسة سرية، وتهدف لمساعدة التطور الروحي للبشرية من خلال جعل الإنسان يصل إلى معرفة الذات والتعبير عن طبيعته الروحية الحقيقية، للمساهمة في تطور البشرية جمعاء وهذا الهدف يمكن الوصول اليه من خلال تغيير العادات الشخصية، والأفكار والمشاعر، التي هي من وجهة نظرهم الحجاب الذي يغطي وجه الإنسان، كما جاء في موسوعة ويكيبيديا.]
وبالرغم من أن ( مؤامرة راكبي الدراجات ) ليست ذات قصٍّ سردي تقليدي ــ فكل فصل جزء مختلف من شريعة "راكب الدراجة" المنشورة على مدى مئات السنين ــ فإن باسارا يُبدع بذكاء حكاية مهيبةً للصراع بين الصفائيين الروحيين والتأثيرات المفسدة للأيقونية، والشمولية، والأخلاقية انطلاقاً من قضية شرلوك هولمز غير المحلولة الوحيدة، ومظليي قوات العاصفة النازيين، والخطط المعمارية لملجأ مصحة عقلية لـ 20 مليون شخص.
ويحوك باسارا هذه النتف المتباينة والجزئية بخبرةٍ ليُبدع رواية تتّسم بالتحدّي ذات تردد فلسفي عميق، ومفعمة بالاستعارية والرمزية والكناية التي تتناول بنى أنظمتنا السياسية، والاجتماعية، والروحية الجماعية بصوتٍ تأملي عارف يعامل القارئ باحترام كمتآمر مشارك محب للبحث والتحقيق.
إن "مؤامرة راكبي الدراجات" أفضل نوع من الرواية، فهي تقود القارئ ليتأمل بعمقٍ الحياة الروحية للفرد. وعلى امتداد قراءتي للكتاب، كانت المفارقات والتبصرات التي يقدمها باسارا تتحداني للبحث عن إجابات على الأسئلة التي يطرحها. وهذا كتاب يتطلب قراءات عميقة عديدة، وستتولد عن ذلك على الأرجح تبصرات جديدة مع كل قراءة.
وهو كتاب ليس لكل شخص. ذلك أن ( مؤامرة راكبي الدراجات ) لغز مغلف بغطاء تاريخي، مغلف بنكات ضمنية باطنية، مغلف بتناقضات، محكية جميعاً مع إيماءة وغمزة عارفة وبارعة يثمّنها المعجبون بروبرت أنطون ويلسون، وتوماس بينتشون، وجورج لويس بورخيس .
وسيكون على القرّاء محاولة اصطياد معنىً وحبكة تقليدية لكن باسارا يزرع ما يكفي من الخيوط على امتداد الكتاب بحيث تأتلف القطع أخيراً معاً ( وفي النهاية، يعطى القارئ ما يكفي ليحل تلك القضية الشرلوك هولمزية ). ويستدير عائداً إلى ما يبدو حوادث لا معنى لها ليربط الشخصيات والتآمرات معاً في الخطط لبناء مستشفى كبير للمجانين.
 عن/ WRITER’S VOICE