لا أعتقد أنّ هناك من يصاب بالضجر أو الملل ، وهو يتابع أخبار نوابنا الأعزاء ، المواطن يشاهد كل يوم المساخر التي تحدث في خوف وقلق ، ويعتقد مثلما تحاول بعض الجهات الإعلامية إيهامه ، بأن هناك مؤامرة على العملية السياسية ، ونحن نتفق معهم ،نعم هناك مؤامرة ، لكنها هذه المرة ليست على العراق وإنما على مضحكات تجربتنا الرائدة في الديمقراطية ، وآثار هذه التجربة على المجتمع الذي يصحو كل يوم على أخبار نزال جديد يخوضه أحد السادة البرلمانيين ليثبت انه بطل ويستطيع ان يطرح خصمه أرضاً بالرصاصة " القاضية " .
هكذا تحولت الديمقراطية في العراق من ممارسة حضارية تستند إلى القانون، ووسيلة لخدمة الناس إلى حروب ومعارك يراد لها ان تكتب في النهاية شهادة وفاة للعراق الجديد وتُخرجه من التاريخ المتحضّر لتضعه في قاع الهمجية والتخلف والعصبية القبلية، عروض ملّت منها الناس، لأنها، حوّلت مجلس النواب الذي أراد له العراقيون أن يكون مكانا يجتمع فيه ذوو الخبرات والطاقات الفاعلة ، إلى مزاد للطائفية وعرض سيئ للعضلات وتخريف في العمل السياسي، لتغيب وتغيب القضايا التي تهم الناس، ليحل محلها صراع من اجل الاستحواذ على ما تبقى من امتيازات، مضحكات ديمقراطية أضرت وتضر بالحرية والعمل البرلماني، وسياسة تحولت من خطاب طائفي مقيت إلى مرحلة اللكمات والرصاص الحي ، برلمانيون أعادوا البلاد إلى عصر التحاصص الطائفي والعشائري، بعدما توهم العراقيون أنهم سيقطعون مراحل مهمة على طريق دولة الرفاهية الاجتماعية .
ربما سيقول البعض إن الجدل والعراك من طبيعة المجالس البرلمانية في العالم، واننا شاهدنا نواباً وبرلمانيين يتلاكمون ويصرخون ، لكن أن يصل الاختلاف إلى عرض بالاسلحة الحية ورصاص يتطاير داخل ستوديو تلفزيوني ، فهذا يعني أننا نعيش مرحلة الغيبوبة السياسية، وارتفاع في مؤشر الجنون إلى أعلى نقطة.
مَنْ يريد لعائلته أن تتفرج وترى ماذا يحدث للبرلمان بين سواعد وقبضات نوابنا الميامين، ومن يتمنى أن يمثله هكذا نواب استبدلوا لغة الحوار بالمسدسات والبنادق .
لعل أفظع ما في الأمر أن مشهد معركة " المسدسات " بين النائب عن دولة القانون كاظم الصيادي والناطق باسم كتلة المواطن بليغ أبو كلل ، كشف لنا أن كل ما قيل عن دولة المؤسسات هو كلام من قبيل الاستهلاك اليومي، ففي النهاية المنتصر هو من يطلق الرصاصة الاولى .
ملاحظه عابره : نصحني العديد من الأصدقاء الاعزاء بأن لا اكتب عن رئيس التحرير " المناضل " ثانية ، وان أغلق باب المساجلة معه، من اجل أن لا اجعل منه ضحية تستدر عطف بعض المقاولين وتجّار العملة ، فيدفعون له بدل تعويض، سأستجيب لطلبهم .
ختامها.. صيادي
[post-views]
نشر في: 25 نوفمبر, 2015: 09:01 م
جميع التعليقات 4
سامي عادل
صباح الخير استاذي الكريم، اتابع مقالاتك تقريباً كل يوم، احبها وافضل منها تلك التي تعقد مقارنات بين سياسيينا وبين سياسيي العالم. فعلاً ان ما توصفه صحيح وكلماتك تشفي غليل من لا يستطيع التعبير بكلماته عن مضيضه. اعتراضي فقط على استخدامك للفظ (الجنون) بشكل سلب
صقر
لماذا الضجر أو الملل ... اذا كان فقدان 551 مليار دولار خلال بضعة سنوات لا يعتبر مؤامرة على العملية السياسية
د عادل على
البرلمان خلق فى جميع انحاء العالم لحل الاختلافات والنزاعات بصورة سلميه----اما عندما يتحول البرلمان الى ساحة اغتيالات فهدا دليل على ان صدام جعل منا كلنا بعثيين-لان المسدس الدى صوبه صدام لمدير مدرسته الابتدائيه وقتل به معلمه سعدون التكريتى فى ثانويه الكر
محمد سعيد
الحقيقه المره ان الجميع ضحك علي نفسه حيمنا اعتقد ان مهزله الانتخابات التي طبخها بوش في ليله وضحها وفي غياب حراك شعبي صادق .ان العراق تحول الي عهد ديمقراطي وبرلمان يحاسب ذاته لكنه مع الاسف تولد برلمان لا علاقه له بواجباته المرسومه دستوريا