TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > "طبقة بيض" سياسية

"طبقة بيض" سياسية

نشر في: 28 نوفمبر, 2015: 09:01 م

الطبقة السياسية العراقية اثبتت بعد اثني عشر عاما من التجربة الديمقراطية بنسختها المحلية، بانها ترفض مغادرة الاصطفاف الطائفي ، فتمترست في خندقه ، على الرغم من تاكيد زعمائها بتصريحات ،وبيانات منذ تصدروا المشهد حرصهم على تبني المشروع الوطني عابر الطوائف وكل الميول والاتجاهات، لتحقيق دولة المواطنة .
التحرك الأخير لتحالف القوى العراقية نحو تشكيل "تكتل سني جديد" يعد انجازا تاريخيا للطبقة السياسية الحالية ، وجود خندق شيعي يجب ان تقابله خنادق اخرى تمثل المكونات والمذاهب والاقليات ، على وفق نظرية التوازن ، وموازنة القوى ، وبلنص الاطارات لتفادي حصول رعشة اورجفة اثناء عربة سير العملية السياسية نحو تحقيق اهدافها .
اندلاع التظاهرات نهاية تموز الماضي في بغداد ومحافظات عراقية ، بعث برسالة الى قادة الطبقة السياسية ، تفيد بان الشارع يرغب في التخلص من الوجوه الحالية ويبحث عن بديل آخر يستحق ان يمثله في الدورة التشريعية المقبلة ، الرغبة الشعبية في التغيير في ظل النظام الانتخابي المعتمد لا يمكن تحقيقها ، ربما لهذا السبب شهدت الساحة العراقية مؤخرا تحركات واتصالات ، للبحث عن فرصة الحضور في المشهد السياسي ، للالتفاف على السخط الشعبي ، بالدفاع عن مصالح ابناء المحافظات الخاضعة لسيطرة تنظيم داعش بعد تحريرها .
يقال إن رؤية السفارة الاميركية في بغداد لمرحلة ما بعد داعش ، تفضل منح المحافظات ادارة لامركزية ، والتوجه نحو الخصخصة وتشجيع الاستثمار الاجنبي ، وتمرير قانون تشكيل الحرس الوطني . في ضوء ذلك ربما ستشهد الايام المقبلة المزيد من التحركات والاتصالات ولاضير من عقد اجتماعات في عواصم مجاورة للعراق لتحصين الخندق الطائفي من محاولات الردم والتجريف .
التظاهرات الاحتجاجية برهنت بالدليل القاطع ان طبقة البيض السياسية، فاسدة مهما رفعت من شعارات ، واقع الحال يشير الى ان الحكومة بجميع اطرافها لا تمتلك ادوات الاصلاح الحقيقي ، سوء الادارة خلال السنوات الماضية فرض سطوته على الحاضر ، وربما يمتد الى المستقبل. مقابل ذلك عجز حاملو طبقة البيض السياسية عن اقناع جمهورهم بان بيضهم صالح للاستهلاك البشري ، بالامكان تناوله نصف مسلوق لترطيب حناجر المتظاهرين لتكون اصواتهم في وقفاتهم الاحتجاجية بساحة التحرير قوية مرتفعة تعبر جسر الجمهورية لتصل الى المنطقة الخضراء مقر طبقة البيض السياسية.
العاهات رافقت التجربة الديمقراطية في العراق ،الشارع عرف الاسباب ومن يقف وراءها فاحتج تعبيرا عن ايمانه المطلق باجراء تصحيحات قبل الاصلاحات ،لكن الطبقة سواء أكانت بيض دجاج او بط بقيت في ايدي المتنفذين ، لهم وحدهم حق التصرف فوضعوها في خنادقهم وحملوا السلاح والرايات للدفاع عن مكاسبهم .
العراقيون وصلوا الى قناعة اكيدة بان الطبقة السياسية الحالية تحاول بشتى الاساليب الحفاظ على مواقعها ، لكن هذه المرة ستكون وحيدة مع زعمائها وقادتها في خندق عميق ، يستوعب الجميع يوم لافرق بين رئيس الكتلة ، وحارس مبنى قيادة قطر الصومال.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. ابو سجاد

    لا ياسيد علاء ان هؤلاء لهم جمهورهم وليسوا وحدهم ولا في خندق عميق لان الشعب بسيط وانساق وراء خطباء المنابر وسترى ماذا تفعل تلك المنابر

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

 علي حسين اعترف بأنني كنت مترداً بتقديم الكاتب والروائي زهير الجزائري في الندوة التي خصصها له معرض العراق الدولي للكتاب ، وجدت صعوبة في تقديم كاتب تشعبت اهتماماته وهمومه ، تَّنقل من الصحافة...
علي حسين

قناديل: في انتظار كلمة أو إثنتيّن.. لا أكثر

 لطفية الدليمي ليلة الجمعة وليلة السبت على الأحد من الأسبوع الماضي عانيتُ واحدة من أسوأ ليالي حياتي. عانيت من سعالٍ جافٍ يأبى ان يتوقف لاصابتي بفايروس متحور . كنتُ مكتئبة وأشعرُ أنّ روحي...
لطفية الدليمي

قناطر: بعين العقل لا بأصبع الزناد

طالب عبد العزيز منذ عقدين ونصف والعراق لا يمتلك مقومات الدولة بمعناها الحقيقي، هو رموز دينية؛ بعضها مسلح، وتشكيلات حزبية بلا ايدولوجيات، ومقاولات سياسية، وحُزم قبلية، وجماعات عسكرية تنتصر للظالم، وشركات استحواذ تتسلط ......
طالب عبد العزيز

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

سعد سلوم في المقال السابق، رسمت صورة «مثلث المشرق» مسلطا الضوء على هشاشة الدولة السورية وضرورة إدارة التنوع، ويبدو أن ملف الأقليات في سوريا يظل الأكثر حساسية وتعقيدا. فبينما يمثل لبنان نموذجا مؤسسيا للطائفية...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram