مع بدء العد التنازلي لتنفيذ قانون تشكيل الاحزاب ، لم تشهد الساحة العراقية تحركا يعبر عن اهتمام القوى السياسية بقضية حيوية خضعت للتعطيل والتأجيل . وخلال الدورة التشريعية الحالية ، قررت الكتل النيابية التخلي عن خلافاتها ، فصادقت على مشروع القانون ثم نشر بالجريدة الرسمية ليأخذ طريقة الى التنفيذ على ارض الواقع .
المفوضية العليا للانتخابات بحسب التعريف المتداول هي الجهة المسؤولة عن التنفيذ ، بوصفها جهة مستقلة غير خاضعة لارادة السلطة التنفيذية ، ستستقبل طلبات تشكيل الاحزاب طبقا للشروط الواردة في القانون ، وسط توقعات بان الطلبات ستكون بالمئات ، ليس من الضروري ان تنطبق الشروط على الجميع ، لكنها تعكس حالة انتماء معظم العراقيين الى احزاب ، تتطلع الى الحصول على تمثيل واسع في مجلس النواب المقبل يمنحها حق حمل حقيبة وزارة ، قد يشغلها امين عام الحزب الجديد .
كثرة الاحزاب العاملة في الساحة السياسية لا تعطي مؤشرا حقيقيا على رسوخ التجربة الديمقراطية ، بل كلما انخفضت الاعداد ستكون القواعد الشعبية في موقع يطل على المشهد لمراقبة النشاط ثم اتخاذ قرار الانضمام الى الحزب الفلاني ، بعد عام 2003 عادت الاحزاب القديمة بقياداتها وكوادرها ، منها من حالفها التوفيق فحققت حضورا كبيرا في مجلس النواب ، ثم شاركت في الحكومات المتعاقبة ، فاصبحت ذات نفوذ وتأثير ، فتحت باب الانتماء امام الراغبين في الانضمام الى التنظيم فدخل من يبحث عن وظيفة حكومية ، ليعتنق عقيدة الحزب مع اعلان استعداده للدفاع عنها في السراء والضراء .
مصطلح البرمكي المتداول في العراق على نطاق واسع في اشارة الى منح الهبات والمكارمات من اموال الدولة بدون وجع قلب ، المصطلح يمكن ان يوفر قاعدة شعبية واسعة لتنظيم سياسي جديد حين يعلن في مؤتمره التاسيسي انه سيمنح رواتب شهرية لاعضائه ،مع امتيازات اخرى حين يضمن تمثيله في الحكومة . المعروف أن مصادر تمويل الاحزاب تعتمد على اشتراكات وتبرعات الاعضاء والاتباع . في الواقع العراقي يمكن ان تكون المعادلة معكوسة ، بمعنى ان الحزب يدفع للاعضاء ، الشواهد كثيرة ، خسارة مليون دولار او اكثر ، في مرحلة التاسيس ثم خوض الانتخابات ، وبعد ذلك المشاركة في الحكومة وحمل حقائب وزارات خدمية اوسيادية قد توفر مليار دولار للامين العام واعضاء المكتب السياسي .
الاحزاب العراقية المشاركة في الحكومات المتعاقبة ثرية ومصادر تمويلها متعددة ، حين تبدأ المفوضية بتنفيذ مواد قانون تشكيل الاحزاب ستواجه مشكلة كبيرة ، لان القوى السياسية باستثناء الصغيرة منها سترفض الكشف عن مصادر تمويلها ، في ضوء ذلك ستتوفر الظروف الموضوعية لإعلان تاسيس "الحزب الوطني البرمكي" وليس من المستبعد ان يحصل على قاعدة جماهيرية مليونية ، بامكانها تغيير المعادلة السائدة منذ سنوات ، ولكن المشكلة تكمن في انقراض البرامكة منذ زمن بعيد ، وليس في سلالتهم من يستطيع منافسة الاحزاب الحالية.
الحزب الوطني البرمكي
[post-views]
نشر في: 4 ديسمبر, 2015: 09:01 م