في الثغرةِ التي ينفذُ منها شعاعُ ضوءٍ صغيرٍ وبحّارٌ مخمورٌ يركبُ الموجَ ولا ينزلُ بينما امرأةٌ عند الساحلِ تنتظرُ شاعراً وهي تلعبُ بالمستحيلِ عند الرصيفِ يكتظُّ بالعاهراتِ الجميلاتِ قلتُ لإحداهنّ: ليتكِ تبحثينَ عن قصيدتي لا عن نقودي قلبتْ شفتَها ورمت
في الثغرةِ التي ينفذُ منها شعاعُ ضوءٍ صغيرٍ وبحّارٌ مخمورٌ يركبُ الموجَ ولا ينزلُ بينما امرأةٌ عند الساحلِ تنتظرُ شاعراً وهي تلعبُ بالمستحيلِ عند الرصيفِ يكتظُّ بالعاهراتِ الجميلاتِ قلتُ لإحداهنّ: ليتكِ تبحثينَ عن قصيدتي لا عن نقودي قلبتْ شفتَها ورمتْ نظرةَ غامضةً في منفضةِ السجائرِ وأنا أحاولُ تقليدَ القمرِ الذي يتكررُّ كلَّ ليلةٍ ولا يدفعُ العالمَ إلى الضجرِ واكتشافَ الفرقِ بين الصخورِ والأحجارِ وأحصي خطواتي منذ الولادةِ حتى شفتيكِ الرفيعتينِ مثل خاتمِ فتاةٍ فقيرةٍ بعد أن عددتُ النجومَ العراقيّةَ نجمةً نجمةً نجمةً من دون أن أنعسَ لأنّك تقفزينَ بينَ كلّ نجمةٍ وأخرى والمذيعُ عبسَ وتولّى لأنّ طائرةَ رئيسِ الجمهوريةِ عبدالسّلام عارف سقطتْ في قرية "النشوة" لأسبابٍ فنيّة وغداً أول يومٍ لي بالغاً تنتعظ’ عندهُ الفكرةُ المبلّلةُ بالّلبن إذ رُويَ عن محمد بنِ سلاّم أنَهُ قالَ: كانَ بالبصرةِ رجلٌ كحَّالٌ فأتَتهُ امرأَةُ جميلةٌ فكحّلَها وأمرَّ المِيلَ على فمِها فبلَغَ ذلكَ السّلطانَ فقالَ: واللهِ لأفُشَّنَّ نَعْظَهُ فأخذَهُ ولَفَّهُ في طُنِّ قَصَبٍ وأَحرقَهُ وكلُّ السلاطينِ يخشَونَ فحولةَ ضحاياهمْ يقولُ يانيس ريتسوس وبعد عامٍ وجدتني على حافةِ الحبِّ عندما قفزتْ ابنةُ الجيرانِ السورَ الفاصلَ وفي يدِها قنينةُ بيرة "أمستل" سرقتها من أبيها فكان ما كان أعرتُها رواية "زقاقِ المدقّ" ونصفَ كأسٍ من الفكرةِ المبلّلةِ بالّلبنِ ليختلفَ الرجالُ إلى امرأةٍ وتختلفُ النساءُ إلى رجلٍ ولا حبَّ يدومُ إلى الأبدِ لنكونَ كلّ يومٍ على حافةِ الحبِّ....
......
.. وعلى حافةِ الحبِّ
ينتحي الزوجُ ركناً قصيّاً
ويرقبُني من بعيدْ،
شاعرٌ كلمّا لوّحَ عبرَ نافذةٍ
تُشبهُ اليأس من قبلةِ السيّدةْ
يبترونَ يدَهْ.
.......
الآن، في اللحظةِ التي تقاومُ فيها القصيدةُ كي لا تكونَ شعراَ، أستعيدُ البيوتَ الطينَ تحلمُ تحت القبورِ، وأنتِ بشعرِكِ الأسودِ وعينيكِ الغاضبتينِ حتى الشِعرِ تُكملينَ هذه القصيدةَ بإيماءةٍ أوضحَ من القرآنِ وأكثرَ غموضاً من سان جون بيرس، وبشرتُكِ المعجونة من التمرِ والحليبِ والبنفسجِ تستعرضُ تحت شمسِ الأطلسيِّ طاقتَها على الغواية وزورقٌ يمضي ليلتَهُ متعباً بعد نهار من الموج والانتظارِ واللاجئينَ غيرِ الشرعيينَ وذئبٌ فرنسيٌّ يعلّم الأغنامَ الصبرَ والعيشَ بسلامٍ مع الحربِ حيثٌ الحياةُ أصعبُ من الشعرِ عندما لا نجدُ مهرباً من نفوسِنا الكئيبةِ وهي تقفُ على حافةِ الحبِّ.
......
.. وعلى حافةِ الحبِّ،
يشقى بنا كلُّ هذا الكلامْ
ولا يتقنُ العاشقونَ القليلَ من اللّعبِ الخشنِ
لا تُدركُ المزهرياتُ جدوى الغرامْ
مثل أغنيةٍ شائعةْ،
وعنيدةْ،
يتحرّكُ بندولُها مثلَ سبابةٍ حائرةْ
عند فلسفةِ الساعةِ الدائرةْ،
ويميناً، يساراً، جنوباً، شمالاً
يميناً، يساراً، جنوباً، شمالاً،
ولكنّه ثابتٌ، كالمهاجرِ، عندَ حقيبتهِ العاثرةْ.
.......
يا وطنَ المجانينِ والخائبينَ والعشاقِ الوحيدينَ والمناضلينَ الواهمينَ والآلهةِ الحمقى والمواطنينَ بلا وطنٍ والأمّهاتِ المتشحاتِ بالخسارةِ والنخيلِ مقطوعِ الأعناقِ والأنهارِ الناشفة والشوارعِ المخترقةِ بالمفخخاتِ والأرصفةِ التي لا تصلحُ لخطى المارّةِ والمدارسِ التي يجلسُ تلاميذها على الأرضِ والعطشى الأبديينَ في أكثر البلدانِ أنهاراً والأطفالِ الذين لا يذهبونَ إلى الألعابِ والنساءِ اللواتي يضاجعن أصابعهنّ والبناتِ اللواتي يتبادلن أفلام البورنو عبر هواتفهنَّ النقّالةِ والجوعِ المعتّقِ متسولاً بئرَ البترولِ وفي الساحةِ العامةِ تتناولُ العائلاتُ طعامَ الغداءِ تحتَ ظلالِ المشانق التي تتدلّى منها جثثُ "الجواسيسُ" في نزهةِ القتلِ العقائديِّ والشعراءِ يقشّرونَ الإفلاسَ في "قهوة المعقّدين" ليزعلَ وليد جمعة حميد المشهداني ويصرّ على أنّ اسميها "كهوة إبراهيم" التي تقدم لزبائِنها ألذَّ استكان شايِ بالهيلِ منذُ العصر العباسي وهو ،أعني وليداً، ما زال حليقَ الرأسِ بقرارٍ من خير الله طلفاح محافظ بغداد ويدخلُ منقذ شريدة مغتاظاَ لأنّ أحدَهم نعتَه بـ "النجّار" وهو نحاتُ الخشبِ وفي المهرجانِ الشعريّ يزدحمُ الشعراءُ العربُ حولَ المائدةِ ليقرأوا سورة "المائدة" بعد كلِّ كأسٍ من الويسكي بينما نقرأُ قصائدَنا في "المربدِ الضدِّ" الذي أقامته صحيفةُ "طريقِ الشعبِ" للشعراءِ الممنوعينَ ولم يكنِ الحبُّ غيرَ أحلامٍ معلّقةٍ كنواقيسِ الكنائسِ تدقُّ وتدقُّ وتدقُّ ولا أحدَ يأتي ليصلّي حتى ركعةً واحدةً على قدمي حبيبتِه ويصفّقُ الجمهورُ لمعلّقاتِ القرنِ، قرنِ الثورِ الذي تدورُ عليهِ الكرةُ الأرضيةُ.
إنها حقيبتي تعبرُ المنافي بلا مظلة ولا تجدُ طيورَها ما تحطُّ عليه سوى المداخنِ...
.......
.. وعلى حافةِ الحبّ أمشي
وتمشي معي قُبلةُ الخدِّ،
لم تخطئ الشفتينِ
ولكنّها اختارتِ الخدَّ
كي لا تتشكّلُ بينَ السطورْ
جملةٌ أفلتتْ صوتَها خطأً،
جملةٌ قد تطيرُ (كما جاء في منطقِ الطيرِ للسهرورديِّ)
حتّى تحطُّ على خدِّها من جديدٍ
حقيبةُ هذا العراقيّ
هذا العراقيُّ
هذا الحقيبةْ.