تصدّر مُخرجي الدراما التلفزيونية العراقية من خلال العديد من الأعمال الفخمة التي قدمها ، والتي كانت تجتذب المُشاهد لما فيها من تقنيات إخراج عالية ، ورُغمَ انهُ مُقل في أعماله إلا انهُ عودنا اختيار الأفضل وتقديم ما يُلامس وجدان المُتلقي العراقي وروحية
تصدّر مُخرجي الدراما التلفزيونية العراقية من خلال العديد من الأعمال الفخمة التي قدمها ، والتي كانت تجتذب المُشاهد لما فيها من تقنيات إخراج عالية ، ورُغمَ انهُ مُقل في أعماله إلا انهُ عودنا اختيار الأفضل وتقديم ما يُلامس وجدان المُتلقي العراقي وروحية الشارع العراقي في تجسيدهِ للواقع سواء أكان قديماً أو حديثاً ، إلا ان ما بات يُقلقهُ اليوم هو التراجع الدرامي الذي يشهدهُ الفن العراقي نتيجة ضعف الجانب الإنتاجي " بحسب قوله " ذلك انهُ مؤمن وبعمق بوجود مواهب فنية كبيرة في العراق وسيناريوهات مهمة وموضوعات عميقة يُمكن للدراما مناقشتها.
إلا ان هذه الأدوات لا تعمل بغياب الإنتاج الحقيقي والدعم المادي للفن والثقافة العراقية ، ومنذ عام 1996 بدأ إخراجهُ لمُسلسل " قطار الأطفال " الذي عُرض في أكثر من دولة عربية مُتنقلاً في قطار تجربتهِ إلى البصرة لإخراج مُسلسل " السياب " الذي لم تُكتب لهُ رؤية النور ، حتى فجرّ للشاشة العراقية أكبر عمل درامي تلفزيوني وهو مسلسل "مناوي باشا " بجزئيه والذي يُعّد من أهم وأفخم الأعمال التي قدمها ، ليمرّ بعدها بمسلسل " سنوات تحت الرماد " ثم يتوقف قطار فارس طعمة التميمي في استراحةٍ قصيرة بعد مشوارٍ إبداعيٍ طويل مُتبادلاً حوارهُ مع الـ " المدى " .
* الأعمال الدرامية قبل عام 2003 أحدثت صدى كبيرا في المشهد الفني العراقي ، ما أسباب تراجع العمل الدرامي في الوقت الحاضر؟
- إن أسباب تراجُع الدراما العراقية التي أحدثت صدى كبيرا قبل عام 2003 يعود إلى ان في ذلك الوقت أي قبل 2003 كان هُنالك القليل من القنوات حيث كان المشاهد مُجبرا على مُشاهدة القنوات الأرضية التي لاتتعدى قناة واحدة لتكون بذلك المشاهدة أوسع واكبر وتحصد جمهور أكبر لهذا تلاحظيها مؤثرة وباقية في الذاكرة إلى وقتنا هذا .
* بالرغم من انك متخصص بالإخراج السينمائي إلا اننا نجدك معني فقط بالعمل الدرامي التلفزيوني ما سبب ذلك ؟
- نعم أنا خريج معهد وكلية الفنون الجميلة فرع إخراج سينمائي ، ولم تُتح لي فرصة المشاركة في عمل سينمائي درامي فقد عملت أفلاما سينمائية تسجيلية ، وكنت أتمنى أن أعمل فيلما سينمائيا في بغداد عاصمة الثقافة ، ولكن وزارة الثقافة لم تمنحني هذه الفرصة مع العلم قدمت سيناريو متكاملا وهنالك لجنة وافقت على هذا السيناريو ولكن أهواء وزارة الثقافة كانت تميل الى المحسوبية آنذاك واتمنى بالمستقبل أن أعمل عملا دراميا سينمائيا .
* ما الذي يعوز الدراما العراقية من عناصر صنع الدراما؟
- الدراما العراقية فيها صنعة جميله ومتكاملة على مستوى النص والإخراج والتمثيل ، أما فيما يخص ما تعوزة الدراما فهنالك ضعف في الإنتاج إضافة إلى اختيار الموضوعات التي بات أغلبها يُختار وفق أجندات تحت مسميات القناة التي تنتج ذلك العمل ، وهذا ما نشاهدهُ من خلال التفاوت الواضح بالموضوعه ، فهنالك ابتعاد عن الوضع الاجتماعي والواقع العراقي حيث نشاهد أغلب المسلسلات الدرامية غير حقيقية وبعيدة كل البعد عن الواقع إضافة الى ضُعف الإنتاج الدرامي الذي يفتقرلعناصر القوة وجمالية الصورة ، ولا يتضمن سوى إشغال وقت القناة من خلال بث ساعة كاملة وهذا ما يُعد الضعف الاكبر في الصناعة الدرامية العراقية .
* ما هو توجه الدراما العراقية اليوم؟
- مشكلة الدراما العراقية انها لا تعرف أين تتجه اليوم ، نلاحظ ان هنالك مشاكل كثيرة في صناعة الدراما كما نلاحظ ذلك بالدرجة الأولى في اختيار النص الذي يُختار حسب أهواء البعض والذي لا يتناسب مع متطلبات الحياة الاجتماعية العراقية ،كما ان لمشكلة عدم التخطيط ومحاسبة المنتجين الذين ينتجون الأعمال الدرامية أثرا كبيرا في ضياع توجه الدراما فهنالك صفقات تتم من خلال اعطاء المنتج عملا دراميا هشا وضعيفا ، والقناة لم تحاسب المنتج على المنجز البائس الذي يقدمه .
* لماذا عجز التلفزيون العراقي عن الدخول الى البيوت العربية كما هو حال التلفزيون المصري؟
- التلفزيون العراقي لم يوفق في دخول البيوت العربية ، وسبق أن عقبت على هذا حيث انه بعيد كل البعد اجتماعيا عن معاناة المواطن العراقي ، وهذا ما نُشاهده في بعض القنوات وبعض المسلسلات حيث ان بعض القنوات تنقل صورة العنف والقتل والترهيب في البلد والأخرى تنقل صورة الأمان والسلام وكلاهما يتصف بعدم المصداقية في الوصول إلى قلب المشاهد العراقي ، لهذا التجأ المشاهد إلى المسلسلات الخليجية والتركية والمصرية فهنالك عدم تنسيق في العمل الذي يمس وجدان الشارع العراقي وأغلب الأعمال تتجه لعدم المصادقية التي خسرتنا الكثير من المشاهدين العراقيين.
* عملت عام 1996 على إخراج مسلسل "قطار الأطفال" الذي لاقى صدى واسعاً عراقياً وعربياً برأيك ما اسباب غياب أعمال الأطفال عن الشاشة العراقية؟
- أضم صوتي الى صوتك فهنالك قصور في الاعمال الدرامية التي تخص الأطفال إلى جانب إن هُنالك غيابا كبيرا في برامج الاطفال وأغلب الأعمال الخاصة بالطفل والتي اشاهدها على القنوات اليوم ينقصها الجمال وهي بعيدة كل البعد عن وجدان الطفل العراقي وكأنها برامج سبعينات وستينات ، وهذا ما يُثير عجبي عندما أُشاهد برامج قديمة مستهلكة في الموضوع والتقديم وبائسة جداً في الديكور ، في حين ان الطفل العراقي اليوم بدأ يتجه نحو التطوربشكل كبير مع وجود البرامج والألعاب الالكترونية ، كما ان هنالك برامج لا تمت بصلة إلى الطفل العراقي ونلاحظ أغلب الأطفال يشاهدون قناة عربية تحاكي عقولهم لهذا يجب ان تتواجد برامج جديدة تلامس الطفل وتحاكي المجتمع وفق التطور الحاصل .
* ارتبط اسمك بأعمال درامية كبيرة ، إلا اننا نراك مُقلّاً ، فهل في الأُفق من جديد؟
- أنا من المخرجين المُقلين جداً في أعمالهم ذلك لأني أميل إلى الأعمال الدرامية الفخمة ولا أعمل إلا بها ، كما اني أرفض الكثير من النصوص الدرامية العادية والبسيطة ليس لأنها ضعيفة ، على العكس ولكني أميل للعمل الفخم وأبحث عمّا هو أكثر وصولاً ومُلامسة للمشاهد وأبحث عن الموضوعة المهمة ، وأرفض النصوص التي لاتدخل إلى قلبي.
* الكثيرون يضعون اللوم على ضعف الدراما العراقية بسبب كتابة السيناريو ، فهل استطاعت الدراما العراقية خلق عدد من كُتاب السيناريو ؟
- كُتاب السيناريو رائعون ويمتلكون حرفة في كتابة السيناريو ، مشكلتنا فقط في الانتاج واتمنى على الجهات المنتجة وقناة العراقية على وجه الخصوص اختيار العمل والجهة المنتجة بشكل صحيح ، وآمل ستقبلاً تجاوز مشكلة التقشف التي لا أمل أن تشمل الدراما العراقية ، كما أتمنى أن تختار القنوات مواضيعها بدقة ومخرجيها بدقة وأتمنى أن تعطي الأعمال لمن يستحقون العمل بالدراما العراقية بغض النظر عن المحسوبية والمنسوبية.