أقفل فندق بغداد أبواب لقاء أهل الكرة، ورفعَ موائد النِفاق، ولم تعد تُسمَع جَلجَلة السُخط وزَمجرة الوعيد، فقد ماتت ثورة الإصلاح خلف جدار لقاء سرّي أخمد أفواه المعارضين وأعاد أوراق النقد لتختبئ في جيوب المرتعشين ممن فضحتهم أيديهم وهي تمنح الفوضى سِمَة الإقامة في جمهورية كرة القدم التي تحدّت الجميع بنظام لم يخلع جلباب "الأحباب" مُرسّخاً قانون البقاء للمُنتفعين وصادِماً رؤوس الكفوئين بحيطان الخيبة!
وماذا بعد مؤتمر "تلطيف الأجواء" هل يستفيق من يمثل الرياضة في الحكومة ومن يمثلها في البرلمان وكذا من يتبوأ موقع القرار الأول في أولمبية العراق لتكون لهم كلمة يعزّوا بها أنفسهم لموت الإصلاح في كرة القدم؟ هل تدركون أن صمتكم المطبق وحراككم الخجول وتحاشيكم الغريب في التدخل يُدينكم بالشراكة في كل التداعيات التي سيفرزها النظام الداخلي للاتحاد والاشكاليات المالية في عدم تبويب الإنفاق والتخلف بالشؤون الإدارية في مفاصل مهمة للمنظومة بأكملها، يضاف الى ذلك غياب الوعي للمستقبل الذي تترقبه اللعبة في ظل انتخاب مجالس إدارات لا همّ لجُلّ أعضائها سوى إزاحة همومهم في ايفادات الترويح من دون أن يقلقهم واقع الكرة للسنين القادمة بقدر قضاء أسعد الأوقات في دورات السياحة الانتخابية !
أفيقوا يا ممثلي الحكومة والبرلمان والأولمبية، فلا وجود للخط الأحمر في سياسات الدول المتقدمة تحول دون مراقبة الاتحاد ومساءلته والتدخل في صغائر الأمور إذا كان ذلك يعزز سمعة بلدانهم ويوطِّد أُطر التنسيق والعلاقات مع المؤسسات الدولية وفي مقدمتها (فيفا) الذي صادقت لجنته التنفيذية بالإجماع الخميس الماضي على مجموعة من المقترحات التي تقدّمت بها لجنة الإصلاحات 2016 ومن أبرزها " تبنّي توصية بإنشاء لجنة للإصلاحات لصالح الإتحاد الأندونيسي لكرة القدم، والتي يجب أن تشارك فيها الحكومة الأندونيسية"، وكذلك "إنشاء لجنة تسوية جديدة بالنسبة لاتحاد توغو لكرة القدم، بهدف ضمان المصادقة على القوانين الجديدة وتنظيم انتخاباته في شباط المقبل".
ومعروف أن قضية الاتحاد الاندونيسي تمتد الى أكثر من عام عرّضته الى التجميد وأقصَت منتخب بلاده من تصفيات المونديال وحَرمت منتخباته وأنديته من المشاركة في مسابقات الاتحاد الآسيوي، ومع ذلك لم يجد (فيفا) حرجاً لتبنيه قرار وجوب مشاركة الحكومة في لجنة الإصلاح، وهو إجراء ذكي يُعشّق جهود الجميع تحت علم الدولة، فلماذا يتحرّج وزير الشباب والرياضة ويحرّك شفتيه هامساً بانتقادات كروية لم يُفعّلها الى إجراءات اصلاحية برسم مصلحة العراق ولن يلومه أحد على ذلك؟ ثم إذا كان التدخّل الحكومي في الشأن الرياضي يشعل ضوءاً أحمرَ يُنذِر بعواقب وخيمة ، فهل يمكن أن ينكر رئيس اللجنة الأولمبية الوطنية أن الجهة التي رشحته لتولي منصبه هي وزارة الداخلية؟ كيف نقبل بمزيّة المناصب الرياضة بتزكية الحكومة وننثر المليارات في الصفقات والتنزهات من خزينة الحكومة أيضاً ونفشل في تنفيذ مناهجنا ووعود مشاريعنا وتسويق حتى أكاذيبنا الى الشعب تحت مرأى ومسمع الحكومة، ونكون أول المشتكين لدى (فيفا) وغيره إذا ما إنبس مسؤول يمثل الحكومة ببنت شفة لبيان خطة الإصلاح أو المطالبة بأبواب الصرف أو التحقيق في معرفة أسباب إخفاق منتخب وطني يستنزف الأموال ومدربه ينعم بالدلال بلا حسيب أو رقيب؟!
واأسفاه على صمتكم .. قوانين تُفصّل حسب الموديل والمزاج، ولوائح تعبّد الطريق للفاشلين والضعفاء ليبقوا زمناً طويلاً تحت الأضواء، ومواقف مُزرية تناصر الباطل وتحاصر الحق خشية خسارة الجاه والنفوذ و(الأبهة الفارغة).
ها هو الاتحاد الدولي يفضح بدعة الخط الأحمر أمام الحكومات ويمنحها الضوء الأخضر ويمدّ لها اليد البيضاء لتُبصِّر وتُعين وتُحذّر بقطع (القدم) المريضة أينما كانت!
فيفا يفضح الحكومات!
[post-views]
نشر في: 6 ديسمبر, 2015: 09:01 م