قبل اسابيع اعلن عن (مونودراما) ألفتها واخرجتها (ليلى محمد) ومثلتها (هناء محمد) وجاء في الاعلان عن ذكر ليوسف رشيد كونه مسؤولا عن (دراما تورجيه) العرض، ما اثار تساؤل العديد من المسرحيين العراقيين عن مهمة الاخير في ذلك العرض المونودرامي وعن معنى المصطلح.
اولاً، المفروض ان لا نستخدم (الجيم) المصرية في هذا المصطلح فان حرف الجيم في اللغة الانكليزية هو (G) وليس (J) ويمكن استخدام اما حرف (غ) او حرف (كـ) بدلا من (الجيم). ثانيا، يعرف (دليل اوكسفورد للمسرح والعرض) مصطلح (دراما تورغي) كونه يعني دراسة المعنى المتولد من الدراما وهي مهمة خاصة تشير الى كاتب مسرحي معين او الى مسرحية معينة. وكان الالماني (ليسنغ) اول من استخدمه في كتابه (دراما تورغ هامبورغ) عام 1768 واستخدمه بعد ذلك الالماني ايضا (بريخت) بل ومارس مهمته الدراماتورغية مع المخرج الشهير (راينهارت) مع زميله المخرج (بيسكاتور، وبحسب (دليل اوكسفورد) فان مهمة (الدراماتورغ) تشمل وصف البنية الدرامية للمسرحية والاعراف التي تسري على انتاجها وتعريف جنسها وشخصياتها وعناصر العرض. وهكذا تسري مهمة (الدراما تورغ) على ما يسمى (معمارية الحدث المسرحي). وعندما يذكر اسم الدراماتورغ في الاعلان عن المسرحية فان ذلك يعني ان الشخص المذكور عارف بتاريخ المسرح ونظرياته وتطبيقاته ليقدم المساعدة لكاتب المسرحية ومخرجها ومصمميها. ويذكر (دليل اوكسفورد) ان مصطلح (دراماتورغ) قد تعني (المدير الادبي) للعمل المسرحي او (المستشار الفني) وفي اللغة الفرنسية فان كلمة (دراماتورجي) تعني فعلياً مؤلف المسرحية. ثالثاً: لم يستخدم مصطلح (دراماتورغ) في بريطانيا وفي الولايات المتحدة الاميركية إلا في اوائل الستينات من القرن الماضي. وكانت مهماته في مسرحيهما اعادة احياء وتنشيط الكلاسيكيات.
جاء في (المعجم المسرحي) لماري الياس وحنان قصاب حسن ان لكلمة (دراماتورجية) مجالا دلاليا واسعا حيث تشير الى وظائف متعددة تطورت مع تطور الفن المسرحي وفي الاصل فإن الكلمة اغريقية من شقين : الاول، هو (دراماتو) اي (مسرحية) والثاني (ايرغوس) اي صانع، وهكذا فالكلمة تعني مؤلف المسرحية او كاتبها. وان كلمة (دراماتورجية) تعني فن تأليف المسرحية ويسمى المؤلف (دراما تورج) اقصد (دراماتورغ) تجاوز معنى المصطلح (النص) ليتعرض الى (العرض) وذلك عندما تولى (بريخت) المهمة حيث كان يقدم بتحليل النص المسرحي والعمل مع الممثل وكأنه يحل محل المخرج. ويذكر (الياس وحسن) بان كلمة الدراماتورجية تُغطي مجال المسرح والنقد والتحليل. وتعد من مهمة (الدراماتورغ) الى اسلوب التعامل مع الجمهور ويشير (الياس وحسن) الى ان "للدراماتورجية دورها في توسيع افق منهجية البحث المسرحي من خلال انتاجها على العلوم الانسانية مثل (السيرلوجيا) و(السيولوجيا) وشملت (الدراماتورجية) البنية الداخلية للعرض المسرحي وشكل كتابة النص وعلاقته بعناصر الانتاج الاخرى كالمنظر والازياء والاضاءة والمؤثرات الصوتية والموسيقية بل وحتى بناية المسرح كبناية العلبة الايطالية او بناية المسرح اللساني الا لميزانين او بناية مسرح الحلبة الاغريقي وكيفية المعالجة الاخراجية في كل منها.
هكذا تجاوزت مهمة (الدراماتورغ) مهمة (المخرج) بل ربما الغتها وهذا مالا يحدث هذه الايام مع مخرجين مجددين ومشهورين في العالم مثل (بيتر بروك) الانكليزي و(روبرت ويلسن) الاميركي و(لوبيموف) الروسي فهم ليسوا بحاجة الى (دراماتورغ) يرشدهم او يوجههم حيث لديهم من الدرامية والخبرة ما يكفي.
وفي مسرحنا العراقي كثيراً ما اسيء استعمال عدد من المصطلحات المنقولة عن المسرح الغربي ومنها مصطلح (دراماتورغ) او مصطلح (دراماتورجيه) حيث اطلق بعض المخرج هذا المصطلح على كل من هب ودب في حين المفروض ان يكون (الدراماتورغ) اكثر علماً وخبرة من المخرج نفسه. وهنا يحق لي ان اتساءل: ماذا كانت مهمة (الدكتور يوسف رشيد) الدراماتورجيه في مونودراما (نورية) لـ (ليلى محمد)؟ مع اعترافنا سعة المعرفة المسرحية التي يمثلها التدريسي والناقد والصديق (يوسف رشيد)؟
دراما تورجيه ام دراما توركيه؟!
[post-views]
نشر في: 7 ديسمبر, 2015: 09:01 م
يحدث الآن
مجلة بريطانية تدعو للتحرك ضد قانون الأحوال الشخصية: خطوة كبيرة الى الوراء
استشهاد مدير مستشفى دار الأمل الجامعي في بعلبك شرقي لبنان
استنفار أمني والحكومة العراقية تتحرك لتجنيب البلاد للهجمات "الإسرائيلية"
الـ"F16" تستهدف ارهابيين اثنين في وادي زغيتون بكركوك
التخطيط تحدد موعد إعلان النتائج الأولية للتعداد السكاني
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...