هناك مقولة لمورفي يقول فيها: "اذا تُركت الأمور لنفسها ، فإنها ستتجه من سيء الى أسوأ " وهذا ما يحدث معنا ، فكل الأمور السيئة التي تحدث معنا معلقة بانتظار الحلول ومتروكة لنفسها..
قبل أكثر من عام سقطت الموصل بيد داعش ومن يومها والمطالب ترتفع من جهات مختلفة بمحاكمة مَن ساعد على دخول الموصل وكان سبباً في سقوطها بيد الدواعش لكن عجلة القضية لم تتحرك قيد أنملة وظلت الأمور على حالها وهكذا اتجهت من سيء الى أسوأ .. واليوم تتحرك القوات التركية باتجاه الموصل لتنتقل العروس الضحية من مغتصب الى آخر ومن دون أن يتمكن أحد من إنقاذها ولملمة شرفها المبعثر ...ومع بدء الأزمة الجديدة ، وجد السياسيون ما يطلق حناجرهم بالاحتجاجات والاستنكارات ولم يسألوا أنفسهم لماذا أصبحت الموصل ضحية وقبلها أصبح العراق عتبة يسهل أن يطأها كل مَن يرغب بالتهام لقمة عراقية ؟!
حين تمكن هتلر من غزو العالم ، تصوّر أعداؤه انه فعل ذلك لأنه قوي لكنه باح بالسر الذي مكنه من احتلال دول عديدة وإذلالها حين سُئل عن أحقر الناس الذين قابلهم في حياته فقال: ان أحقرهم هُم أولئك الذين ساعدوه على احتلال أوطانهم !! وهذا يعني انه حظي بمساعدة العديد ممن قدموا له أوطانهم على طبق من ذهب ، فهل يعيش بيننا بعض من أولئك، وهل قدموا ويقدمون اليوم وطننا على طبق من ذهب لمن يطمع بالتهام قطعة منها ؟! يكفينا تساؤلات فالقضية واضحة جدا لمن يريد أن يقرأ حروفها بعناية ...ووطننا مشروع تجاري يُديره عدد من تجار الحروب والدم والصفقات المشبوهة وهؤلاء يسهل عليهم بالتأكيد بيع الوطن حين يفشلون في حمايته وتوطيد دعائم هيبته ومكانته بين الدول الأخرى فهم منشغلون بتفريغ خزائنه وملء جيوبهم ، وتروقهم التصريحات النارية والتشاتم على الملأ أكثر من عمل الخير في الخفاء لخدمة مَن لوّثوا أصابعهم بالحبر (السحري) لرفعهم على مقاعد السلطة بهدف إيجاد حلول (سحرية) لهم لتحقيق الأمان والرخاء في بلـد مقبل على تقطيع أوصاله بعد استباحته !
في بقعة نازفة أخرى من جسد الوطن ، يحتضر التعليم في خيام متهرئة يلوذ بها التلاميذ النازحون في الأنبار وتحمل اسم (مدارس) وهم يرتجفون من البرد ، ويحذر ناشطون في المحافظة من انهيار العملية التعليمية مطالبين بإيجاد حلول للنازحين بإعادتهم الى ديارهم او توفير اماكن مناسبة لسكناهم ودراسة أولادهم ، وهذا أمر آخر تُرك من دون حل جذري فأصبح اكثر سوءاً ..لكن السوء الأكبر يا سادة ليس احتضار التعليم فقط، بل احتضار الوطن ذاته، فإذا ما عاد الدفء الى الوطن وتغلب على أزماته ، سيتغلب النازحون تلقائياً على أزمة البرد ويحصلون على سقوف تأويهم ومدارس تمنحهم التعليم ..انه الوطن الذي يعاني من أزمة برد حقيقية ..ليس البرد الذي يخترق عظام النازحين، بل البرد الذي يُثلِج ضمائر المسؤولين ويجمـِّد مشاعرهم !!
الوطن قبل التعليم.. أحياناً
[post-views]
نشر في: 7 ديسمبر, 2015: 09:01 م