TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > طربوشك ثم جارك

طربوشك ثم جارك

نشر في: 7 ديسمبر, 2015: 09:01 م

دخول قوة عسكرية تركية بدبابات ومدرعات الى بعشيقة ، يكشف بالدليل القاطع ان العراق بعد عام 2003  أصبح ساحة تصول وتجول فيها دول الجوار ، الشواهد الكثيرة ، تعكس حقيقة التدخل الخارجي في الشأن العراقي ، في زمن النظام السابق تم توقيع اتفاقية مع تركيا تقضي  بالسماح لقواتها بالتغلغل داخل الاراضي العراقية بمسافة عشرة كيلو مترات لاستهداف تجمعات حزب العمال الكردستاني ، منذ ذلك الوقت وحتى  الآن ظلت الاتفاقية سارية المفعول ، حين تتناول الحكومات المتعاقبة العلاقات الثنائية بين بغداد وانقرة،  تركز على اطلاق حصة العراق  المائية عبر نهري دجلة والفرات ، طبقا لاتفاقية الدول المتشاطئة ، لم يلتفت المسؤولون الى العلاقات الأمنية ، خصوصا إن  مستجدات  الاحداث  في المنطقة تتطلب إبرام اتفاقيات جديدة ، لغرض توحيد الجهد المشترك  لمحاربة الارهاب ،  الأمر هنا لايعني تركيا بالتحديد وانما بقية الدول الاخرى ذات المصلحة في القضاء على الجماعات الارهابية .
 تركيا  أعلنت  انها دخلت الى الاراضي العراقية استنادا الى طلب مسؤول محلي اثيل النجيفي  محافظ نينوى المقال من منصبه ، فكان العذر التركي أقبح من الذنب ، وفاتها ان تبحث عن عذر آخر بإعتمادها   على نصيحة نائب رئيس الجمهورية الاسبق طارق الهاشمي  ،   علما انها على  معرفة تامة بأن النجيفي أثيل وشقيقه اسامة  لا يشغلان  منصبين رسميين ،  لكن انقرة تدرك جيدا إن مغامرتها ستخلف ردود افعال ومواقف عراقية متباينة ،  لتبعث  برسالة الى المجتمع الدولي بأن  الدولة في العراق  "حايط نصيص "  شعبها بأمس الحاجة الى ارتداء الطرابيش التركية  لينعم  بالامن والسلام  ويقضي ساعات  ممتعة اثناء متابعة مسلسلات تركية مدبلجة .
 قوى عراقية  لطالما أعلنت تعرضها للاقصاء والتهميش رحبت بالتدخل  التركي ، عدته موقفا يعبر عن الالتزام بسياسة حسن الجوار ، فضلا عن التلاحم الأخوي بين الشعوب الاسلامية تلك القوى تجاهلت ما نشرته وسائل اعلام غربية من حقائق بالصورة والصوت عن التعاون التركي الداعشي ، تلك القوى أبدت رغبتها الحقيقية في ان يرتدي العراقيون الطرابيش لإثبات الولاء الى السلطان العثاني الحريص على   ضمان  استقرار الامن في  بلاد مابين النهرين النابعين من الجارة الشمالية .
التدخل العسكري التركي  تتحمل مسؤوليته النخب السياسية المشاركة في الحكومات المتعاقبة  سواء كانت  من انصار الطرابيش او العمائم والعقل،   فليس من المعقول ان  تحافظ اتفاقية انقرة مع النظام السابق على فاعليتها من دون ان تثير انتباه من رفع  شعار الحفاظ على السيادة لكنه منح تنظيم داعش اجزاء واسعة من مساحة العراق ، لمنع تكرار الحماقات  التركية ، يجب  حساب ولاءات  القوى السياسية لأطراف خارجية من زاوية جديدة ،  فمن يميل الى الطرابيش  لاتتطابق مواقفه مع اصحاب العمائم والعكل ،  في العراق هناك من يتبنى  نظرية  "طربوشك ثم جارك ثم اخاك " في زمن السيادة .    

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

 علي حسين اعترف بأنني كنت مترداً بتقديم الكاتب والروائي زهير الجزائري في الندوة التي خصصها له معرض العراق الدولي للكتاب ، وجدت صعوبة في تقديم كاتب تشعبت اهتماماته وهمومه ، تَّنقل من الصحافة...
علي حسين

قناديل: في انتظار كلمة أو إثنتيّن.. لا أكثر

 لطفية الدليمي ليلة الجمعة وليلة السبت على الأحد من الأسبوع الماضي عانيتُ واحدة من أسوأ ليالي حياتي. عانيت من سعالٍ جافٍ يأبى ان يتوقف لاصابتي بفايروس متحور . كنتُ مكتئبة وأشعرُ أنّ روحي...
لطفية الدليمي

قناطر: بعين العقل لا بأصبع الزناد

طالب عبد العزيز منذ عقدين ونصف والعراق لا يمتلك مقومات الدولة بمعناها الحقيقي، هو رموز دينية؛ بعضها مسلح، وتشكيلات حزبية بلا ايدولوجيات، ومقاولات سياسية، وحُزم قبلية، وجماعات عسكرية تنتصر للظالم، وشركات استحواذ تتسلط ......
طالب عبد العزيز

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

سعد سلوم في المقال السابق، رسمت صورة «مثلث المشرق» مسلطا الضوء على هشاشة الدولة السورية وضرورة إدارة التنوع، ويبدو أن ملف الأقليات في سوريا يظل الأكثر حساسية وتعقيدا. فبينما يمثل لبنان نموذجا مؤسسيا للطائفية...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram