على غرار التهجير القسري نتيجة سيطرة تنظيم داعش على ثلث مساحة العراق ، شهدت البلاد بعد إعلان يوم السيادة موجة نزوح واسعة من محافظات نينوى وصلاح الدين والانبار الى مخيمات النازحين في إقليم كردستان ومناطق اخرى في الوسط والجنوب ، تعرض المتقاعدون الى تقشف قسري باستقطاع مبالغ مالية من مرتباتهم بقرار مفاجئ ، اتخذته الحكومة من دون سابق انذار ، فهل كانت تخجل من اعلان الاستقطاع؟ ام انها كانت تخشى إثارة الغضب الشعبي ، لاعتقادها بأن المتقاعدين ربما سيتوجهون الى بوابات المنطقة الخضراء للتعبير عن رفضهم اجراءات التقشف القسري .
معظم المتقاعدين من كبار السن أغلبهم يعاني أمراضا مزمنة ، أمضوا سنوات طويلة من حياتهم في اداء وظائفهم الحكومية بجد وإخلاص ، إلا في حالات استثنائية نادرة ، انهم مسالمون ينبذون العنف ، لذلك اخطأت الحكومة بحقهم عندما رفضت إخبارهم باستقطاع مرتباتهم ، لأنها لاتريد إثارة المشاكل حين يقوم المتقاعدون بصولة على المنطقة الخضراء ويطردون من فيها بالركلات والعكازات وكراسي المعاقين.
في الدول المتحضرة ذات السيادة الحقيقية تشرع القوانين الخاصة لرعاية المتقاعدين تقديراً لجهودهم السابقة في خدمة الدولة ، تنظم لهم سفرات سياحية الى أشهر المنتجعات العالمية على حساب الحكومة ، أما الرعاية الصحية فتشمل الجميع بلا استثناء بمراجعة المراكز الصحية القريبة ، او بارسال فريق طبي الى مكان إقامة المتقاعد بمنزله ، او في بيت أحد الابناء والاحفاد من امتيازات المتقاعدين، في الدول السيادية بإمكان المتقاعدين الحصول على خصم اثناء شراء تذاكر السفر عبر القطارات والرحلات الجوية ، كذلك تذاكر الدخول الى صالات السينما والمسارح ، المتقاعد العراقي في ظل الاوضاع الحالية يستحق رعاية المنظمات الدولية المعنية بحقوق الانسان.
المتقاعد العراقي مارس حقه الديمقراطي في إنتخاب من يمثله في مجلس النواب ، فاستحق الشكر والثناء من زعيم القائمة ، مع وعود بتنفيذ برامجها وفي مقدمتها زيادة رواتب المتقاعدين ، المتقاعد حين يستذكر مقدار راتبه في سنوات سابقة قبل تعرفه على النخب السياسية الحالية يشعر بألم شديد لفشله في شراء بطيخة لعياله براتبه الشهري ، فتجرع مرارة خيبته منتظرا الفرج ، إرتفع راتبه من الفين الى نصف مليون دينار ، تعددت أبواب الانفاق بين تسديد الاشتراك بخط المولدة الاهلية وشراء كارتات شحن الهواتف ، وشبكة الانترنت واجور نقل الابناء الى كلياتهم ، طار الراتب طار كما قال المنولوجست الراحل فاضل رشيد .
المتقاعدون المتعرضون للتقشف القسري يناشدون ابناءهم الناشطين المدنيين المطالبين بالاصلاح ادراج الغاء الاستقطاع ضمن شعارات المتظاهرين ، لعل الحكومة تعيد النظر بقرارها او في أقل تقدير تبين الاسباب ، لان المتقاعدين غيرمنتمين الى تنظيم سياسي يفرض عليهم مبدأ نفذ ثم ناقش ، أما اذا كان الاستقطاع لصالح النازحين فيجب ان تسلم المبالغ الى بعثة الامم المتحدة في العراق او اية جهة اخرى نزيهة غير متورطة بالفساد القسري.
المتقاعدون.. تقشف قسري
[post-views]
نشر في: 9 ديسمبر, 2015: 09:01 م