قبل أيام دار حديث بيني وبين شاعر غنائي عراقي كان قد كتب الكثير من أغاني وقصائد الحرب مع إيران. ما زال الرجل مصرا على ان صدام كان محقا في إشعال فتيل الحرب. دليله اعتقاده ان ما يفعله الساسة العراقيون التابعون لإيران، بحسب قوله، في عراقنا هذه الأيام كان سيحدث في الثمانينيات لولا شن الحرب. لذا هو يرى ان صدام أجّل مصائب الخطر الإيراني عقودا. سألته: وهل كان هناك خطر إيراني حقيقي على العراق في وقتها؟ رد بلغة الواثق من رأيه تماما إن إيران لم تخف رغبتها وسعيها في تصدير ثورتها الى دول المنطقة. قلت له إنك تقصد بان إيران كانت تنوي تصدير ثورتها الإسلامية الى السعودية والامارات والكويت والأردن وغيرها، أليس كذلك؟ أي نعم. زين ليش كل هذه الدول لم تبادر الى اعلان الحرب على إيران كما فعل صدام؟ لا أدري! ان كنت لا تدري فانا أدرى: ان صدام ما كان يمتلك الحكمة التي يمتلكها حكام الدول التي ذكرتها لك. لا يستسهل اللجوء الى الحرب كخيار الا من كان أحمقا. الحكيم من يدرأ الحرب عن أهله وشعبه بأي ثمن.
ولما وجدته انزعج، او تدهور كما يقول العراقيون في هذه الأيام، ضربت له مثل اسقاط تركيا للطائرة الروسية، وما كان الذي سيفعله صدام لو كان بمكان بوتين. وكأن روحه ردت اليه فصاح بصوت عال: والله سيحرق أبا تركيا. شوف ألم اقل لك ان صاحبك تنقصه الحكمة. في الحقيقة أيها الشاعر، ان لدى بوتين سلاحا يحرق أبا العالم ويفنيه. فما الذي أوقفه؟
ولكي أرحمه قليلا قلت له لا تنفعل. فان غياب الحكمة من عقل وضمير الحاكم العراقي لم ينته بانتهاء صدام بل جاء الذي بعده بما هو أشد وأتعس. خذ نقص الحكمة عند المالكي الذي جاءنا بداعش لدارنا. فلو كان لديه ذرة مثقال من حكمة لاستثمر تظاهرات أهل الانبار السلمية ليضرب بها الإرهاب كله. ولأنه ليس حكيما ضيع الخيط، فسلمه لداعش ليلعب بعصفور العراق على هواه.
ضاع الخيط والعصفور
[post-views]
نشر في: 9 ديسمبر, 2015: 09:01 م