أُقيم حديثاً في غاليري أوكسولم بكوبنهاغن معرض للفنان الدانماركي أولي تيرسلوس Ole Tersløse تحت عنوان " الفن في الدانمارك. أطفال الزهور ". وكان هذا التعبير، " أطفال الزهور "، قد ابتكره في الستينات الشاعر الأميركي الغريب الأطوار ألان غنسبير
أُقيم حديثاً في غاليري أوكسولم بكوبنهاغن معرض للفنان الدانماركي أولي تيرسلوس Ole Tersløse تحت عنوان " الفن في الدانمارك. أطفال الزهور ". وكان هذا التعبير، " أطفال الزهور "، قد ابتكره في الستينات الشاعر الأميركي الغريب الأطوار ألان غنسبيرغ ( 1929 ــ 1997) ، الذي اقترح تقديم الزهور كإيماءة سلام.
وفي سلسلة أولي تيرسوس هذه، التي تحتوي على ست صور كبيرة مولّدة بالكومبيوتر، فإن المصطلح يُقرأ حرفياً، حيث نرى أطفالاً إلى جوار نباتات فائقة الحجم.
فطفلٌ مشغول بتقطيع زهرة بآلة قطع، بينما يختبئ اثنان من الأطفال خلف أشياء نامية كأنهما لا يريدان أن يكتشفهما أحد. وسرعان ما ندرك أن " الأفعى في الفردوس " حاضرة هنا بهيئات عديدة.
ومع أن الأطفال يبدون طبيعيين بفعل عرائهم التام، فإنهم يظهرون كأشياء اصطناعية وغريبة. إنهم ليسوا أطفالاً حقيقيين، وإنما معمولون بنفس برامج الكومبيوتر المستخدمة لخلق تأثيرات خاصة لأفلام مثل سيد الخواتم وأفاتار. وعلى كل حال، وخلافاً لواقعية هوليود النموذجية، فإن تيرسلوس لايحاول أبداً إحداث وهم كامل، ولهذا فإن أطفاله الاصطناعيين تامّون جداً و " نظيفون " جداً أكثر مما تتطلبه الحقيقة.
والأكثر من هذا، أن القامة بكاملها، مع الخلفية المحايدة والضوء الناعم، تُحدث ارتباطات مع الصور التجارية لسلع استهلاكية متنوعة، حيث الشيء المصور مشرَب بجو شيءٍ مقدس لا يُدرك، لكنه يبقى في الوقت نفسه بارداً وصعب الوصول إليه.
والواقع، لم يعد هناك أي شيء طبيعي أو أصيل حاضراً في فردوس أطفال زهور تيرسلوس، لأن ذلك كله مصنوع في برامج كومبيوتر متقدم. وتيرسلوس، بخلقه هذا الفردوس الزائف، يُظهر تصوراتنا المسبقة عن الحالة الطبيعية، الأصيلة للبراءة كإنشاء ثقافي. فأعماله تتعلق بـ " واقعنا " المنشَأ ذهنياً أكثر مما تتعلق بالواقع نفسه. إنه يركّز على فهمنا للواقع، أو ربما افتقارنا لذلك ...؟
لقد تدرب أولي تيرسلوس أصلاً كرسام، لكنه عمل في السنوات الأخيرة بالتصوير الفوتوغرافي المتلاعب به كومبيوترياً و التصوير في برامج الكومبيوتر الثلاثي الأبعاد. ومع أن أعماله يمكن أن تشبه الصور الفوتوغرافية عند النظرة الأولى، لكنه لا يستخدم التصوير الفوتوغرافي أبداً كأساس لتخيله؛ وتراه بدلاً من ذلك يخلق كل صورة من خلال استعمالات ثلاثية الأبعاد. وتجعله إمكانات الكومبيوتر التي لا نهاية لها حراً في خلق أعمال فنية، وإعادة تفسير و إنشاء العالم بلمسة من الشعر والجنون.
عن: YAREAH