TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > من تظنُّ نفسك ؟

من تظنُّ نفسك ؟

نشر في: 12 ديسمبر, 2015: 06:01 م

يتابع أشقاؤنا المصريون الأخبار من خلال النكات ، والكثير من هذه النكات  تُسهم في التخلص من الساسة  ثقيلي الظل ، ويذكر الكاتب الساخر أحمد رجب في زاويته الشهيرة " نصف كلمة  " أن مدرّساً سأله أحد الطلبة عن أهم قائد عسكري في التاريخ ، فأجاب الطالب انه المارشال السوفيتي جوكوف ،لأنه ترك الألمان  يفرحون باحتلال أجزاء كبيرة من روسيا ، حتى  جاء الثلج فقضى عليهم ، وحين يسأل الأستاذ عن أهم قائد عربي  يجيب الطالب أنه المشير عبد الحكيم عامر ، لانه ترك الإسرائيلين يحتلون سيناء فيما هو لايزال ينتظر هطول الثلج حتى يقضي عليهم ! ولأننا العراقيين  لا نحبّ النكتة و"نصنّف" باعتبارنا آباء شرعيين للحزن ، فسأجد حتما قارئاً كريماً يقول  : يارجل هل الوقت الآن  يسمح بالمزاح والسيادة الوطنية تتعرض للخطر من قبل الاتراك ؟  ولكن ياسيدي ماذا عن داعش التي لاتزال تحتل أجزاء من بلادنا ، لماذا لم نجد مسؤولا يخرج  الى ساحة التحرير يقول للناس : إننا خدعناكم حين رفعنا شعار " الوضع تحت السيطرة " ،   وكان صرخنا في الفضائيات من  أنّ "  الإرهاب اندحر في العراق وهو يلفظ أنفاسه الاخيرة " ؟! مزيف
سأحاول أن أكون جاداً ياسادة وأتذكر ربما للمرة الرابعة بلداً  مثل كندا التي التي قدم فيها رئيس وزرائها الشاب جاستين ترودو قبل يومين ملحمة إنسانية  ، حين سهر حتى الصباح في مطار تورونتو  ليستقبل أول مجموعة من اللاجئين العرب ، ويقول لهم اهلا وسهلا بكم في  وطنكم الجديد ! الامر الذي دفع  مواطنته الحائزة على نوبل للآداب أليس مونرو ان تعلق على هذا الخبر لوسائل  الإعلام  "  التعاطف مع المضطهد والمحروم أعلى مراحل الانسانية " !
كندا ياسادة بلد عادي جدا  وشعبه لايدعي البطولات  ،  ورئيس وزرائه ، لايدعي الإيمان  والتقوى ،فقط  يعلق صورة والده الذي تعلم منه ان السياسة فن الإصغاء للآخرين .
واحدة من أجمل  قصص مونرو بعنوان " من تظن نفسك " وفيها تتبع حياة شخص يحب أن يثير التساؤل من حوله ، يرفض ان يكون  متواضعا ويعتقد ان الضجيج هو اوكسجين الحياة .
بماذا يذكركم بطل الرواية ، حتما بطل قصتنا اليومية  الدائم الذي كان يشتم المتظاهرين ليل نهار ، ويصر على ان ساحة التحرير مكان يتجمع فية  " المخربون  ومنفذو الاجندات الاجنبية واللصوص الذين يريدون ان يسرقوا متاجر بغداد " لكنه بالامس  جافي  النوم عيونه  حتى يرى نفسه متظاهرا  في ساحة التحرير نفسها .
  منذ سنين ونحن نعيش مسرحية أننا في طليعة البلدان الديمقراطية و المستقرة سياسيا، وكل دقيقة يصرّ بطل قصة أليس مونرو على السير بنا إلى الهاوية .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. د عادل على

    النكته العراقيه هجرت وصودر املاكها واعدم اولادها عندما اصبح المجرمون اسيادنا فى دلك الرمضان غير المبارك---اتريدونا نضحك لنكات احمد حسن البكر او لفكاهيات صالح مهدى عماش او تريدوننا ان نضحك عندما راينا بطن حردان التكريتى او هل يعجبكم رؤية صدام حسين يرش سي

  2. خليلو...

    عندما أقرأ عمودك تتدفق الأديرنالين في دمي فألتجئ الى التعليق عليه فأنجو من نتائجه الوخيمة.إنك محرض جيد ايها الاخ علي، شكرا لك هذه كانت مقدمة لما اختصر : إن الذي يسهر الليل في مطار بلده ليستقبل هاربا مضطرا من وطنه والانسانة المبجلة سمت وقفة رئيس حكومته كلي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

التلوث البيئي في العراق على المحك: "المخاطر والتداعيات"

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

 علي حسين في السبعينيات سحرنا صوت مطرب ضرير اسمه الشيخ امام يغني قصائد شاعر العامية المصري احمد فؤاد نجم ولازالت هذه الاغاني تشكل جزءا من الذاكرة الوطنية للمثقفين العرب، كما أنها تعد وثيقة...
علي حسين

زيارة البابا لتركيا: مكاسب أردوغان السياسية وفرص العراق الضائعة

سعد سلوم بدأ البابا ليو الرابع عشر أول رحلة خارجية له منذ انتخابه بزيارة تركيا، في خطوة رمزية ودبلوماسية تهدف إلى تعزيز الحوار بين المسلمين والمسيحيين، وتعزيز التعاون مع الطوائف المسيحية المختلفة. جاءت الزيارة...
سعد سلّوم

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

احمد حسن تجربة الحكم في العراق ما بعد عام 2003 صارت تتكشف يوميا مأساة انتقال نموذج مؤسسات الدولة التي كانت تتغذى على فكرة العمومية والتشاركية ومركزية الخدمات إلى كيان سياسي هزيل وضيف يتماهى مع...
احمد حسن

الموسيقى والغناء… ذاكرة الشعوب وصوت تطوّرها

عصام الياسري تُعدّ الموسيقى واحدة من أقدم اللغات التي ابتكرها الإنسان للتعبير عن ذاته وعن الجماعة التي ينتمي إليها. فمنذ فجر التاريخ، كانت الإيقاعات الأولى تصاحب طقوس الحياة: في العمل، في الاحتفالات، في الحروب،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram