TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > لماذا (المونودراما)؟!

لماذا (المونودراما)؟!

نشر في: 14 ديسمبر, 2015: 09:01 م

قبل أيام قدمت الممثلة (ليلى محمد) مسرحيتها المونودراما (نورية) التي اخرجتها بنفسها مع الممثلة (هناء محمد) وقبلها بأشهر قدمت مسرحيتها المونودراما (حرير) اخرجها لها (فلاح ابراهيم) ومثلت هي الشخصية. وعرفت المونودراما في العراق منذ الخمسينات من القرن الماضي حينما قدم يوسف العاني نموذجاً لها وقدم ابراهيم جلال (اغنية التم) لانطون جيكوف والتي مثلها ،مع سامي عبد الحميد، عدد من الممثلين العراقيين لمخرجين مختلفين . وتقام في عدد من الدول العربية مهرجانات خاصة بالمونودراما كما هو الحال مع مهرجان الفجيرة في دولة الامارات ، فلماذا هذا الالحاح على تقديم هذا الفرع من الدرامات التي تعتمد على اداء شخصية واحدة بمفردها واحيانا مع شخصيات اخرى مساندة. ويعرف المخرج الروسي الشهير (افريمون) المونودراما على انها دراما الذات، قبل الاجابة على السؤال دعونا نتعرف اكثر على تاريخها وعلى طبيعتها.
يذكر معجم اوكسفورد للمسرح ان (المونودراما) والتي تسمى احياناً (ميلودراما) بسبب مرافقة الموسيقى لاحداثها وهي مقطوعة درامية انفرادية لممثل واحد او ممثلة واحدة تسندها شخصيات صامتة او جوقات صامتة، وقد اشيعت في المانيا بين عامي 1775 و 1780 من قبل الممثل (برانوف).
وتعرفها كل من (ماري الياس وحنان قصاب حسن) في معجمهما المسرحي على انها "دراما الممثل الواحد والمصطلح منحوت من الكلمتين اليونانيتين (مونو بمعنى وحيد) و(دراما بمعنى فعل)" وقد دفعت الباحثتان السوريتان بخطابين اولهما ان المونودراما ليست دراما الممثل الواحد بل دراما الشخصية الواحدة. وثانيهما ذكرتا ان المونودراما تستعمل احيانا بمعنى عرض الشخص الواحد one man show في حين ان الصحيح هو عرض الممثل الواحد وليس الشخص الواحد.
وتؤكد الباحثتان على ان تسمية (مونودرما) قد اطلقت على مسرحيات قصيرة انتشرت في المانيا وفي انكلترا بين 1775 و1780 وكان يؤدي الادوار فيها ممثل واحد او ممثلة واحدة بالاضافة الى عدد من (الكومبارس) وجوقة مع مرافقة الموسيقى احيانا. وفي هذا النشر خطأ واضح حيث ان هناك مونودرامات حديثة ليس فيها (كومبارس) ولا (جوقة) كما هو الحال مع (اغنية التم) و(حزر التبغ) لانطون جيكوف ولا حاجة لان ترافق اداء الشخصية في المونودراما اية موسيقى بل يعتمد اداء الممثل على السرد والوصف والحوار مع آخرين غير موجودين على خشبة المسرح وذلك تعبيرا عن خلجات نفس الشخصية التي يمثلها ممثل واحد وربما اكثر من واحد.
المونودراما ليست الا افرازات لكوامن العالم الداخلي للشخصية والتي قد تحتوي على معاناتها او ذكرياتها او علاقاتها مع آخرين او افكارها ومشاعرها تجاه احداث تمر بها ، او تعليقات حول ما يحدث حولها من احداث قد تمسها او قد تمس آخرين. وهكذا يعتمد اداء الممثل في هذا النوع من المسرحيات على الخطاب السمعي بالدرجة الاولى وعليه ان يرسم الصور المختلفة بصوته وبكلماته ولا يأخذ التعبير الجسدي إلا القسط الضئيل وكذلك تكون حركة الممثل محددة . وليس كما يفعل مخرجو المونودراما حين يحركون الممثلين باتجاهات مختلفة على خشبة المسرح من غير ان تكون هناك اية مبررات للحركات التي يقوم بها الممثل وخصوصاً الحركات الانتقالية وقد يكون لبعض الحركات الموضعية مبرراتها وهكذا ايضاً يكون من الصعب على المخرج اخراج المونودراما وفقاً لطبيعتها وفعلها الدرامي حيث ليس هناك من علاقات مع الممثل مع ممثلين آخرين حاضرين بعد كل خشبة المسرح، ولذلك نجد ان المخرج يكون مضطراً لان يحرك الممثل بلا تبريرات منطقية او نفسانية او فنية وانما لأجل الحركة ليس إلا، وبالتالي يعتمد اخراجه على التأكد من تنويع الخطاب السمعي على وفق الحالات والافكار والمشاعر التي تمر بها الشخصية خلال مسار المسرحية وهنا نؤكد على ضرورة ان تكون المونودراما متطورة في احداثها متصاعدة في ايقاعاتها وان تصل الشخصية  الى هدف او غاية معينة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: أحلام المشهداني

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

قناديل: بغدادُنا في القلب

عنوانان للدولة العميقة: "الإيجابية.. و"السلبية"

العمودالثامن: برلمان كولومبيا يسخر منا

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

 علي حسين ما معنى أن تتفرغ وزارة الداخلية لملاحقة النوادي الاجتماعية بقرارات " قرقوشية " ، وترسل قواتها المدججة لمطاردة من تسول له نفسه الاقتراب من محلات بيع الخمور، في الوقت نفسه لا...
علي حسين

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...
د. فالح الحمراني

السرد وأفق الإدراك التاريخي

إسماعيل نوري الربيعي جاك لوغوف في كتابه "التاريخ والذاكرة" يكرس الكثير من الجهد سعيا نحول تفحص العلاقة المعقدة، القائمة بين الوعي التاريخي والذاكرة الجماعية. وقد مثل هذا المنجز الفكري، مساهمة مهمة في الكتابة التاريخية،...
إسماعيل نوري الربيعي

هل يجب علينا استعمار الفضاء؟

توماس ليبلتييه ترجمة: عدوية الهلالي بالنسبة للبعض، تعتبر الرغبة في استعمار الفضاء مشروعًا مجنونًا ويجب أن يكون مجرد خيال علمي. وبالنسبة للآخرين، فإنه على العكس من ذلك التزام أخلاقي بإنقاذ البشرية من نهاية لا...
توماس ليبلتييه
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram